في الاعتصام الذي نفذته «لجنة المؤتمر الوطني للدفاع عن حقوق المستأجرين» نهار السبت الماضي في ساحة ساسين ــ الأشرفيّة، تهافت المعتصمون على وسائل الإعلام لرواية قصصهم لتوثيقها.
عشرات المستأجرين معظمهم من سكّان الأشرفيّة، بدت عليهم معالم الصدمة وهم لم يصدّقوا أنهم فعلاً قد يهجرون بيوتهم بفعل قانون الإيجارات الجديد، جملاً متداخلة وشكاوى لا تنتهي يتسابق أصحابها لقولها على مكبّر الصوت، الذي تناقلته أيديهم خلال الاعتصام: «الأشرفية لن تصبح سوليدير جديدة»، «الحرب لم تهجّرنا من بيوتنا لكي تأتوا أنتم يا نوّابنا وتهجّرونا»، «لا تشرّدونا دون أي تعويض إخلاء»، «ردّوا القانون إلى مجلس النوّاب لدرسه من جديد»، هي أبرز الشعارات التي رفعها المعتصمون.
تخلل الاعتصام قطع طريق ومسيرات في الشوارع المتفرّعة من ساحة ساسين. كانت الأمور عفوية، وهدف المستأجرين التعبير عن سخطهم من قانون الإيجارات الجديد بكل الوسائل. تصرخ امرأة في الستّين من عمرها عبر مكبّر الصوت، «أنا بقيت بالشقّة إيام الحرب الأهلية وحميتها، الحرب ما هجّرتنا إنتوا بدكن تهجّرونا.» ينتزع منها رجل خمسيني مكبّر الصوت ويقول «من الأشرفيّة تحيّة لأهل الحمرا، الضاحية، المصيطبة، طرابلس، الجنوب، بعلبك وجميع مناطق لبنان. كلنا يد واحدة ضد هذا القانون». تحمل امرأة لافتة مكتوب عليها بخط اليد، «بيروت بتنوعها المذهبي الحضاري كباقة ورد متنوّعة، فلا تعيدوها مئة عام إلى الوراء»، وتحاول جاهدةً رفعها بوجه الكاميرات ليراها الجميع.
تخلل الاعتصام
قطع طريق ومسيرات في الشوارع المتفرّعة من ساحة ساسين
يروي الممثّل يوسف فخري، المعروف بدور «كوكو» في برنامج «الدنيا هيك»، لـ»الأخبار» أنّه مستأجر قديم ويبلغ إيجاره في السنة 500 ألف ليرة. «أنا حالياً متوقّف عن العمل وليس لدي أي ضمان. لا يمكنني أن أتحمّل أي تكاليف إضافيّة جرّاء زيادة في الإيجار». ويتابع «الأفضل إقرار مشروع ضمان الشيخوخة عوضاً عن هذا القانون الذي سيشرّد المئات من المسنّين». يروي مهنّس طولونجيان (75 عاماً ويسكن في حي الرميل ــ الأشرفيّة) أنه «مضى 40 سنة على استئجار منزلنا أنا وزوجتي، ونحن ندفع 500 ألف ليرة كل سنة، لقد استرّد صاحب البناية ثمنها أضعافاً مضاعفة من جميع المستأجرين. قبل أن يبيعها إلى مستثمر سوري بمبلغ 200 ألف دولار منذ ما يقارب عشرين عاماً.» ويسأل «لماذا لا يقرّون سلسلة الرتب والرواتب قبل إقرار قانون كهذا؟ من يبلغ حجم مدخوله 3 آلاف دولار يمكنه أن يدفع ألف دولار كإيجار، أمّا نحن فماذا يمكننا أن نفعل؟». لور (67 عاماً، مستأجرة في حي كرم الزيتون ــ الأشرفيّة) تشتكي: «أنا أدفع 400 ألف ليرة بدل إيجار منذ 27 عاماً، ومدخولي فقط مليون ليرة في الشهر، بالكاد يكفي، لا يمكنني أن أدفع ولا ليرة أكثر». يقاطعها جوزيف رعيدي ويطلب توجيه كلمة إلى النائب روبير غانم (رئيس لجنة الادارة والعدل التي أقرّت قانون الإيجار الجديد): «يا سعادة النائب لا تقف بوجه الفقراء، كن كما كان أبوك إسكندر الذي كان يساعد الفقراء.» يسمعه سبع المتيني ويرفع صوته وسط المعتصمين ويصرخ، «أنا دافعت عن الزعماء ووقفت على المتاريس إيّام الحرب وهلّأ بدّن يكبّوني برّا».
شارك في الاعتصام أيضاً عدد من المحامين الأعضاء في نقابة المحامين، بحسب المحامي مارك أبو نصّار الذي قال إنه «حصل تعتيم إعلامي حول القانون دون أن يتم شرحه بشكل مفصّل للناس، لأن قانوناً مؤلّفاً من 18 صفحة لا يمكن أن يفهمه المواطن العادي بسهولة ويعي إجحافه بحق المستأجرين».
«لجنة المؤتمر الوطني للدفاع عن حقوق المستأجرين» دعت إلى اعتصام اليوم أمام مجلس النوّاب في رياض الصلح، وغداً في الحمرا الساعة الرابعة بعد الظهر، وأعلنت عن تحركين موازيين في صيدا وطرابلس. وانضم الاتحاد العمالي العام الى حملة المطالبة بردّ القانون من قبل رئيس الجمهورية، في حين دعت نقابة مالكي العقارات والأبنية المؤجرة في لبنان عائلات المالكين القدامى وجميع المظلومين والمقهورين والمتضرّرين من القانون الاستثنائي الحالي للإيجارات القديمة إلى الاعتصام يوم الثلاثاء في ساحة رياض الصلح في بيروت لمطالبة رئيس الجمهوريّة العماد ميشال سليمان بالتوقيع على قانون الإيجارات الذي أقرّه مجلس النوّاب بغالبيّة أعضائه في جلسة 1 نيسان 2014 التاريخيّة، ولمواجهة ما اعتبرته «حملة التضليل والتشويه وتعمية الحقائق التي يشنّها أصحاب المصالح الشخصيّة على القانون». وأوضحت أن القانون مدّد عقود الإيجارات القديمة المعقودة قبل عام 1992 لمدة 12 عاماً، ما ينفي صفة التهجير والتشريد التي يلصقها المضللون به».