غصّت القاعة بالعشرات من المستأجرين القدامى، جاؤوا من كل مناطق لبنان، من جميع الانتماءات المختلفة، وحّدهم خوفهم من أن يرموا في الشارع. فجأة، بعد سنين طويلة، وجدوا انفسهم وجهاً لوجه مع قانون إيجارات جديد سيغيّر مصيرهم كلياً. ينتزع أحد المستأجرين القدامى «الميكروفون» ويصرخ: «نحن لسنا عدداً يستهان به، نحن 180 ألف عائلة، تظاهرة تحوي ألف مستأجر أو 10 آلاف أو حتّى 50 ألفا لا تكفي.
أيها النوّاب الفاقدون الشرعيّة لقد مهدتم الطريق لثورة شعبيّة عليكم». ترتفع الأصوات داخل القاعة مرحبة بالدعوة إلى الانتفاضة في الشارع. يقول أحدهم: «الشارع هو الحل الوحيد، سنقفل الطرق، سنأخذ حقّنا بيدنا، فلننزل إلى الشارع الآن».
اعضاء لجنة المتابعة للمؤتمر الوطني للمستأجرين، الذين دعوا الى هذا اللقاء امس في في مقر الاتحاد الوطني لنقابات العمال والمستخدمين، حاولوا تهدئة الاجواء، وعمدوا الى تركيز النقاش على السبل المتاحة للاعتراض على قانون الايجارات الجديد، الذي أقره مجلس النواب اخيرا، وهو ما انتهى اليه اللقاء بتحديد 3 سبل للتحرّك:
اولا- طلب موعد للاجتماع مع رئيس الجمهورية، لتسليمه مذكرة تشرح مخاطر القانون، وبالتالي دعوته إلى ردّه وعدم توقيعه، تمهيدا لإعداد قانون متوازن يحفظ حقوق المستأجرين، بما فيه تعويض الإخلاء ويحمي حق عائلاتهم في السكن.
ثانيا- تنظيم اعتصام في ساحة رياض الصلح، عند العاشرة من قبل ظهر الأربعاء المقبل في 9 نيسان، «استنكارا للجريمة النكراء التي أقدم عليها المجلس النيابي، وألغى حقوقا مكتسبة أقرتها لهم كل قوانين الإيجارات السابقة، وخصوصا تعويض الإخلاء، وفرض زيادات جائرة عليهم لا قدرة لهم على دفعها، والعاجز عن دفعها لا خيار أمامه سوى التشرد أو الهجرة قسرا».
اعتصام في ساحة
رياض الصلح الأربعاء المقبل إستنكاراً لجريمة المجلس النيابي


ثالثا- الدعوة الى «مؤتمر وطني للمستأجرين»، تجري خلاله مناقشة وإقرار خطة تحرك شاملة، «انطلاقا من حقهم في استخدام كل الوسائل والأساليب المشروعة التي يكفلها الدستور، حماية لعائلاتهم من التشرد والتهجير، ومن أجل صون السلم الأهلي والاجتماعي، على ان يحدد موعده لاحقا».
وتقرر ان يُعقد اجتماع إعدادي، عند الرابعة والنصف من بعد ظهر الاثنين المقبل في 7 نيسان، في مقر الاتحاد الوطني لنقابات العمال والمستخدمين في لبنان، لتنظيم ادارة هذه التحرّك وانجاحه.
يوضح أحد أعضاء اللجنة: «نحن لسنا ضد صغار المالكين، نحن متعاطفون معهم لأنهم فقراء مثلنا، نحن ضد كبار المستثمرين، ضد المصارف وتجّار العقارات، وضد أن يتحوّل نوابنا إلى وكلاء لخدمة مصالحهم». يقاطعه أحد الحضور، يقف ليلفت النظر إلى أنه حتّى وزير المالية نفسه، علي حسن خليل، عارض القانون أثناء إقراره في مجلس النوّاب. والوزير خليل كان قد طلب من المجلس رد القانون لبحثه في الوزارة، لأنه غير متأكّد من إمكان تمويل الصندوق الذي ينص عليه القانون. والصندوق وضع في قانون الإيجارات الجديد بهدف تمويل مساعدات للمستأجرين، الذين يقل دخلهم العائلي عن ثلاثة أضعاف الحد الأدنى للأجور لفترة زمنية محدّدة، على اعتبار أنهم غير قادرين على دفع إيجاراتهم بعد أن تُزاد على نحو تراكمي على مدار 6 سنوات لتبلغ 5% كإيجار سنوي من قيمة المأجور.
انتهى اللقاء العام المنعقد رفضاً لقانون الإيجارات الجديد بـ«بروفة»، اذ نزل المشاركون الى الشارع وقطعوا الطريق في وطى المصيطبة، وألقوا البيان الذي صدر عن اللقاء: «إن القانون ليس أقل من جريمة بشعة بحق أكثر من 800 ألف مواطن، لأنه سيؤدي إلى تشريد وتهجير الغالبية الساحقة مهم».