وثّق عدد من الصيادين، فجر أمس، قيام أشخاص بتعبئة براميل من مياه البحر مختلطة بمادة المازوت، على الشاطئ بين الزهراني والعدوسية. تحت جنح الظلام، وفي الموقع الزراعي المعروف بخط السكة قبالة معمل الزهراني الحراري، حضر أشخاص في سيارات رباعية الدفع وصهاريج لنقل مئات الليترات من «مياه المازوت». ولم يتسنّ تحديد مصدر المازوت الذي غطى مياه الشاطئ وتسبّب في نفوق عدد كبير من الأسماك، في وقت كانت فيه باخرة تحمل «فيول» ترابط في عرض البحر قبالة الموقع المجاور لمنشآت النفط في الزهراني. وفيما قالت مصادر في المنشآت إن الأمر ربما يكون ناجماً عن تسرّب من الباخرة التي كانت تفرغ حمولتها من البنزين والمازوت، لم تستبعد مصادر أخرى من داخل المنشآت «وجود اتفاق بين مافيات ومسؤولين وعمال على متن الباخرة لمدّ أنابيب بينها وبين الشاطئ تزوّدهم بالمازوت لقاء رشى من دون المرور بالآلية الرسمية للتزود بالوقود عبر المنشآت». الاحتمال قد يتعزز بشواهد سابقة «لقيام مافيات بالتزود بالوقود مباشرة من الباخرة بالانتقال إليها عبر زوارق وإتمام الصفقة في عرض البحر».وتأتي الحادثة بعد يوم واحد من الإعلان عن آلية لتسليم المازوت من منشآت الزهراني وفق كميات وأسعار محددة بإشراف الأمن العام ومديرية الجمارك اللذين استحدثا أخيراً نقاطاً ثابتة داخل المنشآت. وتنص الآلية على تولي إدارة المنشآت تسليم كل الزبائن بسعر 16 ألفاً و300 ليرة للتنكة الواحدة، على أن تتولى الجمارك تسجيل آليات النقل، فيما يتولى الأمن العام مواكبتها للتأكد من إفراغ حمولتها في الخزانات الشرعية وعدم إخفائها لبيعها لاحقاً في السوق السوداء. وأقرّ المدير العام لمنشآت الزهراني زياد الزين لـ«الأخبار» بأن بعض الموردين الذين تسلّموا المازوت، باعوا جزءاً منه بسعر السوق السوداء، لافتاً إلى أن سعر التنكة وصل في بيروت والضاحية وصور إلى 35 ألف ليرة. لكنه نفى مسؤولية إدارته عن الفوضى والتلاعب والاحتكار، مشيراً الى أن «مسؤولية وزارة الطاقة والمياه تنحصر داخل المنشآت. أما خارجها فالمسؤولية تقع على وزارة الاقتصاد والتجارة». في المقابل، وعن المافيات المفترضة التي تسرق المازوت تحت جنح الظلام، أكد أن إدارة المنشآت «تقع تحت الرصد الأمني للجيش، حيث لا يمكن لأي أحد التلاعب أو فرض خوات أو الدخول بسيارات ليست مسجلة ضمن الشركات». لكنه استدرك بأن هؤلاء «ربما دخلوا من جانب معمل الكهرباء».
ارتفع عدد متسلّمي المازوت من الزهراني من 65 شركة مسجّلة رسميّاً الى 185 بينها شركات وهميّة


وليست هذه المرة الأولى التي تطال فيها الشبهات آلية توزيع النفط من منشآت الزهراني. لكن الآونة الأخيرة شهدت فلتاناً غير مسبوق حيث ارتفع عدد متسلّمي المازوت الى 185 جهة بعدما كان التسليم اليومي يقتصر على نحو 65 شركة مسجلة رسمياً كشركة توزيع محروقات. أما المتسلمون الجدد، فمن بينهم شركات وهمية أو أفراد لا يملكون صفة رسمية بموجب الآلية المعتمدة، بل يستفيدون من نفوذ أحزاب وسياسيين للحصول على الوقود لبيعه في السوق السوداء. وبعضهم يحصل يومياً على أكثر من 200 ألف ليتر من دون دفع أي رسوم لمصلحة الدولة. فهل تفرض تلك الفوضى تطبيق القرارين الأخيرين بمصادرة كل أنواع المحروقات التي يتم إخراجها من لبنان (مرسوم جمهوري صدر في 15 أيار الماضي) وقرار وزير الطاقة والمياه ريمون غجر (30 حزيران الماضي) إيداع وزارة الاقتصاد والتجارة لائحة مفصلة بالكميات المبيعة وأسماء جميع الزبائن، على أن تتخذ جمعية حماية المستهلك كل الإجراءات القانونية بحق الشركات وموزعي النفط الذين لا يلتزمون بمضمونه؟