أضف إلى ذلك أن عمليات التغريم، بعد المسح، يفترض أن تأخذ أكثر من بعد، ولا سيما كلفة التأهيل والتدهور البيئي والعطل والضرر والجزاء على التأخر في التأهيل وعلى العمل من دون ترخيص وفرق رسوم التجاوز في الحجم المسموح والغرامات على التأخير في دفع الرسوم... الخ. وليس معلوماً إذا ما كان لدى وزارة المالية أي نموذج لاستيفاء كل هذه الأنواع من الضرائب والرسوم، ولا من سيحدّد كلفة التدهور البيئي وتقييم هذا التدهور، وخصوصاً إذا كانت هذه الاستثمارات في مناطق غنية بالتنوّع البيولوجي. ثم إنه ليس معروفاً من سيقوم بمسح من نوع آخر أكثر صعوبة كمسح الأضرار البيئية. مع العلم أن الأضرار لا تقتصر على مواقع الاستثمار، إذ أن غبار المقالع والكسارات يذهب عادة بعيداً جداً ويتسبب في خنق الكثير من النباتات وحجب الضوء والهواء عنها والتسبب بموتها وانقراض العديد من الأنواع، إضافة إلى التأثيرات السلبية على الكثير من النباتات والحشرات التي التي تلعب دوراً كبيراً في تجديد الغابات وتلقيحها، ولا سيما النحل.
نحو تعديل المخطّط التوجيهي على قاعدة المحاصصة
أما في ما يتعلق بكيفية تنظيم هذا القطاع، فلا يزال الإرباك سيد الموقف في وزارة البيئة واللجنة الوزارية ومجلس الوزراء الذي قرّر في جلسته المنعقدة في 2/7/2020 السماح بنقل وتصريف الناتج (الستوك) من رمل وبحص وصخر لمدة شهرين، بناءً على اقتراح وزير الداخلية، من دون أن يدرك أنه يضيف مهلة جديدة إلى مئات المهل السابقة، في وقت كان منتظراً منه أن يناقش رؤية استراتيجية لإدارة هذا الملف ويقدم مشاريع قوانين ناظمة لوقف الفوضى القاتلة في هذا القطاع! وليس معلوماً إذا كانت هذه المهلة كافية لإنتاج استراتيجية وقانون لهذا الملف، طال انتظارهما. فيما المرجح، وفق المصادر، أن يتم اقتراح تعديل المرسوم الرقم 8803 الصادر عام 2002، وتعديل المخطط التوجيهي الذي لم يتم التوافق عليه في الحكومة السابقة، على قاعدة المحاصصة وإرضاء كل المستثمرين في هذا القطاع، بما يمثلونه من قوى مناطقية وطائفية، أو اعتماد الخرائط السابقة، وفتح المجال لمواقع جديدة بعد إخضاعها لما يسمى بـ«تقييم الأثر البيئي» الذي عادة ما يتمّ غبّ الطلب.
كذلك يتم التحضير لمخرج جديد - قديم، لإعادة تشغيل كل المواقع تقريباً، تحت عنوان «الاستثمار التأهيلي»، أي أن يتابع المستثمر المخالف والمخرّب والمشوّه الأعمال، إنما مع تأهيل الموقع المشوّه. وهنا لا يزال الخلاف حول المدة الزمنية للتأهيل، وهل يكون بعدها الإقفال نهائي، وحول الجهة المخوّلة المراقبة، وحول كيفية استعادة عنصر الثقة المفقود في إمكان تنظيم كل ذلك!