«عالسكت»، صرفت الشركة اللبنانية للنقل الجوي LAT) 500) من موظفيها البالغ عددهم نحو 700. لم يُصرف هؤلاء دفعة واحدة بل على «جولات» بدأتها الشركة مع مطلع الأزمة المالية الحالية، ومرّت من دون أية أصداء. مرّت كأنّ شيئاً لم يكن، كأن عائلة لم يُقطع مصدر رزقها. حتى من خسروا أعمالهم رحلوا من دون أن يعترضوا، بعد أن دفعتهم الشركة نحو توقيع استقالاتهم طوعاً بعدما «أغرتهم» بدفع تعويضات ما بين 6 و11 شهراً، بحسب سنوات خدمتهم. كان من نتيجة تلك الممارسات، التي كانت أقرب إلى الضغط منها إلى الإغراء، أن خضع كثيرون من الموظفين وانسحبوا من أعمالهم مقابل الحصول على تعويضاتٍ قرّرتها الشركة. لم يكن باستطاعة هؤلاء «الاستئناف»، وخصوصاً أنهم «كانوا يرغبون بتحصيل ما أمكن من الشركة التي كانت قد سحبت منهم سابقاً الكثير من التقديمات، من خفض سقف الاستفادة من التأمين وتأثيرات ذلك على شراء الأدوية، إضافة إلى إلغاء نظام الحوافز وغيرها من الأمور»، على ما يقول أحد المتابعين للملف. أما من بقي «يناضل» في الشركة، فلا يزال ينتظر ما ستؤول إليه المفاوضات مع إدارتها. وهؤلاء اليوم يتقاضون «من الجمل دينتو»، على ما يقولون، فيما جزء منهم لم يتقاضوا شيئاً من رواتبهم منذ بضعة أشهر.لا أحد يعرف إلى ما ستؤول إليه الحال مع الشركة، وخصوصاً أن الأزمة ليست آنية، وإن اشتدّت اليوم بسبب حدّة الأزمة الاقتصادية المالية الخانقة ومن ثم فيروس كورونا الذي كان شديد التأثير على قطاع النقل الجوي.
أزمة LAT بدأت قبل سنوات، تحديداً منذ بدأت شركة «طيران الشرق الأوسط» (ميدل إيست) تبسط سيطرتها على كلّ الخدمات والأعمال في مطار بيروت الدولي. لم تكن LAT قادرة على مواجهة «حوت» الشرق الأوسط، إذ كانت تعتمد في عملها على الطائرات الأجنبية (ولا سيما التركية والبريطانية). استحوذت «ميدل ايست» على غالبية الأعمال من تخزين وتنظيف وتزويد الطائرات بالوقود، بعدما باتت لها شركاتها الخاصة ومتعهدوها الذين يقومون بالأعمال نفسها التي كانت تقوم بها LAT. ضعفت أعمال LAT مذ قويت «ميدل إيست»، قبل أن تشتد أزمتها مع تدهور الأوضاع الاقتصادية المالية. بعدها أتت أزمة «كورونا» التي أدت إلى إقفال مطار بيروت الدولي أربعة أشهرٍ ونصف شهر. خلال ذلك، لم يكن لدى الشركة ما تفعله... سوى التفاوض مع الموظفين تمهيداً لصرفهم. وطيلة هذه الفترة من العسر المالي في الشركة، صُرف ما لا يقل عن 500 عامل «بالتراضي»، على ما يقول رئيس اتحاد نقابات النقل الجوي في لبنان علي محسن. مع ذلك، لا يجد محسن كلمة «التراضي» التعبير الأفضل، إذ أنها «بالشكل الذي حلّت به، لا تعطي الذين تركوا أعمالهم حقوقهم، وخصوصاً أنها وقّعوا استقالاتهم تحت الضغط والترغيب بالمال ورحلوا». اليوم، لا يزال في الشركة بحدود «200 عامل»، بحسب محسن، الذي يقود المفاوضات بين الطرفين آملاً في الوصول إلى حلولٍ مرضية.
الموظفون الـ 500 صُرفوا على دفعات منذ بداية الأزمة المالية


من تبقّوا هم من الموظفين الثابتين، ونسبة الثابتين في الشركة «تمثل حدود الـ 20%، فيما 50% كانوا من الموظفين بعقود تمتد لستة أشهر أو سنة أو سنتين كحدّ أقصى»، على ما يشير محسن. بالنسبة إلى أصحاب العقود، اتبعت الشركة أحد أسلوبين، فمن جهة لم تجدد عقود من انتهت مدة عقودهم، ومن جهة أخرى عمدت إلى إعطاء الموظفين عطلتهم السنوية. وفي هذا الإطار، يشير رئيس نقابة العاملين في الشركة، حسن اللقيس إلى «أننا اليوم نقوم بالمفاوضات مع الإدارة، صحيح أن الشغل ضعيف ويجب علينا تحمّل الأزمة مع الشركة، إلا أن الحلول لا يجب أن تكون على حسابنا». اللقيس شأنه شأن آخرين لم يتركوا عملهم بعد، أو بالأحرى لم يُصرفوا، ولكنه أيضاً من «ضمن الذين عُرضت عليهم مبالغ مالية».
لا يعرف هؤلاء الى ما سيؤول إليه مصيرهم، فلا هم اليوم عاملون في الشركة ولا هم منقطعون عن العمل. فقط ينتظرون.
ليست أزمة LAT آخر المطاف في هذا المرفق. ثمّة عاملون كثر، منهم المياومون والعاملون بعقود في شركات أخرى، ينتظرون المصير نفسه، وخصوصاً مع انخفاض أعمال مطار بيروت الدولي إلى ما دون النصف. والسؤال هنا: متى يحين موعد البقية؟