بعد مؤسّستي مياه لبنان الشمالي ومياه البقاع، وصلت أزمة حسم الرواتب إلى مؤسسة مياه لبنان الجنوبي. وفيما يبدأ مستخدمو وعمال مياه البقاع اليوم إضراباً تحذيرياً لثلاثة أيام، اكتفى زملاؤهم في «مياه الجنوبي» بالاعتصام أمام مبنى المؤسسة في صيدا، أول من أمس، كخطوة تحذيرية أولى. البيان الصادر عن النقابة هاجم «نهج الإدارة في الحسم المتكرر لرواتب عمال غب الطلب وتأخير دفعها في ظل الظروف المعيشية الصعبة، في مقابل تسديد الرواتب الخيالية لعشرات المهندسين والمستشارين الحزبيين».المدير العام للمؤسسة وسيم ضاهر أقرّ بالأزمة المالية التي تعاني منها المؤسسة منذ اندلاع أحداث تشرين وانهيار سعر صرف الليرة وصولاً إلى كورونا. حصر حسمُ الأجور بالمياومين من دون المستخدمين ربطه ضاهر بقرار الحكومة إقفال المؤسسات العامة خلال حال التعبئة لمواجهة «كورونا». وأوضح لـ«الأخبار» أنه طلب من وزير الطاقة والمياه ريمون غجر «السماح لي بصرف الأجور للمياومين، لكنه رفض مخالفة القانون الذي يشترط لدفع أجور المياومين حضورهم إلى العمل. ولدى مراجعة الوزير مجلس الوزراء في هذا الشأن، رُفض الأمر أيضاً». أما المياومون الذين استمروا في العمل خلال فترة الإقفال العام (كعمال الإنتاج والصيانة)، فالحسم طالهم بسبب الأزمة المالية في المؤسسة. وبما أن الجباية هي الرافد الرئيس لصندوق المؤسسة، تبدو الأزمة طويلة، «فمنذ بداية العام الجاري، تراجعت الجباية بشكل كبير، وسجّلت في بعض الأشهر صفراً في المئة. ومنذ تسعة أشهر ننفق من اللحم الحي، مع استمرار حجب المساهمة المالية (مليارا ليرة) المستحقة للمؤسسة من وزارة الطاقة عن عام 2019». وإذ اعترف ضاهر بالظروف الصعبة للعمال، حسم بأن «همّي الأول تأمين استمرارية المؤسسة ومدّ المواطنين بخدمة المياه».
الى ذلك، أدّى شحّ مادة المازوت الى توقف عدد من محطات الضخ، ما أدى الى انقطاع المياه عن بلدات جنوبية عديدة، عملت بلدياتها على توفير المازوت لتشغيل المولدات في المحطات. ضاهر أشار الى «أننا، كمؤسسة رسمية، لا يمكننا شراء المازوت سوى بالسعر الرسمي، ولا نستطيع تأمينه من السوق السوداء. وقد طلبنا من وزير الطاقة مدّ المؤسسة بالمازوت، لكنه طلب أن ندفع ثمنه كاش». وبما أنه لا ذنب للمواطنين في ترّهات الدولة، اتفق ضاهر مع أشخاص «سيقومون بشراء المازوت لصالح المؤسسة على أن ندفع ثمنه لاحقاً، أي بالدين. وستكفي هذه الكمية حاجتنا نهاية الصيف هذا الصيف». لكنه شكا من أن المؤسسة «غير قادرة على تلبية الزيادة التي طرأت على استهلاك المياه في بعض البلدات بنحو خمسة أضعاف بعد انتقال كثيرين الى بلداتهم بسبب الحجر المنزلي واستخدام المزارعين مياه منازلهم لريّ أراضيهم». واستعرض نماذج لبلدات تعترض على شح المياه، في وقت تستهلك فيه كميات كبيرة من المياه في مقابل عدد قليل من المشتركين!
مصادر العمال تتهم إدارة المؤسسة بـ«التوظيف العشوائي، كعمال غب الطلب، ولا سيما من المهندسين، ودفع رواتب مرتفعة للموظفين الجدد أكبر من رواتب المستخدمين»، وهو ما يرد عليه ضاهر بـ«أنني استعنت بكفاءات لأحقق التطوير التقني داخل المؤسسة، ولسد الفراغ في ملاك يبلغ 870 موظفاً لم يبق منه سوى 210 موظفين». أما التهم بالاستنسابية في نقل الموظفين، فهي «محصورة بموظف واحد نقل من مكتب صيدا إلى مكتب جزين لارتكابه مخالفة، وموظفة مخالفة نقلت تأديبياً إلى جزين ولم تنفع تدخلات مراجع عليا لإعادتها الى مركزها الأساسي».