لم يعد مسار المنحنى الوبائي لفيروس كورونا في لبنان مفهوماً. على مرّ أربعة أيام، تأرجحت الإصابات بين معدّلات متباعدة، من دون أن تكون أعداد الفحوصات المخبرية المعيار المفصلي الذي يُقدّم تفسيراً لها. الأحد الماضي، مثلاً، سُجّلت 17 إصابة من 2410 فحوصات، فيما سُجّلت أمس 21 إصابة من 819 فحصاً (15 منها تعود لمُقيمين و6 لوافدين).خلاصة هذه المعطيات تُشير إلى واقع يستدعي مزيداً من الحذر والتأني في آلية التعاطي مع الوضع، وهو أمر غابَ خلال عطلة العيد مع «التمرد» الواسع على إجراءات التعبئة العامة وتدابير التباعد الاجتماعي والوقاية، ما يُنذر بخطر إعادة تحليق الإصابات في الأيام المُقبلة.
وحتى أمس، وصل إجمالي الإصابات إلى 1140، وعدد المُصابين الفعليين إلى 425 بعدما سُجّل شفاء 689 ووفاة 26. ومن بين الإصابات الـ425، يقيم 73 منهم فقط في المُستشفيات (ثلاثة في العناية الفائقة). ومع أن هذه الأرقام لا تزال تُعدّ «آمنة» مُقارنة مع القدرة الاستيعابية للمُستشفيات، إلا أن الخطر يكمن في احتمال تضاعفها بسرعة كبيرة في حال تفشّي الوباء (قبل عشرة أيام فقط، كان عدد المصابين في المُستشفيات 35 فقط). ويُفاقم هذا الخطر وجود 6622 شخصاً يخضعون للحجر المنزلي في المناطق، ويُمثّلون «قنبلة» موقوتة ما لم يلتزموا بتدابير الحجر.
وزارة الصحة، ومن خلفها الحكومة، تُدرك هذا الواقع جيّداً، كما تدرك استحالة خيار العودة إلى الإقفال التام في ظلّ تفاقم الوضع الاقتصادي وحتمية التوجّه نحو مناعة القطيع «المدروسة»، على حدّ تعبير وزير الصحة حمد حسن. فما هي الخطة التي ستحكم آلية إدارة الوباء في الأيام المُقبلة؟
في المبدأ، انتهت الأحد الماضي رحلات المرحلة الثالثة من إجلاء المغتربين، والتي استقبل لبنان خلالها، في غضون عشرة أيام، 9124 وافداً. وبحسب مستشار وزير السياحة عضو لجنة التدابير الوقائية من فيروس كورونا، مازن بو ضرغم، من المُقرر أن تحطّ الأحد المُقبل أربع طائرات كـ«مُلحق» لهذه المرحلة، لافتاً إلى أن لا قرار بعد بإعادة فتح المطار في الثامن من حزيران المُقبل، علماً بأن المعلومات المتوافرة تشير الى أن شركة طيران الشرق الأوسط باشرت بيع تذاكر السفر بعد 8 حزيران، رغم أن المجلس الأعلى للدفاع لم يتخذ قراراً بعد في شأن إعادة فتح المطار.
6622 شخصاً يخضعون للحجر المنزلي في المناطق يُمثّلون قنبلةً موقوتة


في غضون ذلك، تراهن وزارة الصحة، في الأسبوعين المُقبلين، على التزام الوافدين بالحجر المنزلي، بالتزامن مع تشديد الإجراءات بدءاً من يوم الجمعة، لضبط تصاعد الإصابات. وفي ظلّ غياب القدرات اللوجستية لمراقبة المُقيمين في العزل المنزلي والتشديد على تنفيذ إجراءات التباعد الاجتماعي وتدابير الوقاية، تبدو الوزارة ماضية في نهج «تحريض» السلطات المحلية والبلديات على تولي مهمة ضبط «المتمردين» المقيمين في مناطقها. وأوضحت مصادر في الوزارة لـ«الأخبار» أن الوزارة تعمّدت أخيراً إعلان أسماء البلدات التي سُجّلت فيها إصابات، «كي تتشارك البلديات والأهالي في مسؤولية مراقبة المحجورين، نظراً إلى التداعيات الخطيرة على الجميع، فضلاً عن أن هذا الإجراء يأتي ضمن سياق سياسة عزل المناطق»، لافتةً إلى أن هذا الأمر «سيكون بالتوازي مع التشدّد في الإجراءات من قبل وزارة الداخلية والبلديات».
وفي هذا السياق، أعلنت شعبة العلاقات العامة التابعة للمديرية العامة لقوى الأمن الداخلي، في بيان أمس، تنظيم محاضر ضبط بقيمة 50 ألف ليرة، بدءاً من الجمعة المقبل، بحق كل من لا يضع كمامة أثناء تنقله سيراً على الأقدام. والأمر نفسه ينطبق على ركاب وسائل النقل العمومية، مع «التأكيد على التقيّد بنظام المفرد والمزدوج، وبعدد الركاب المحدد لكل نوع منها».