إصابتان جديدتان بفيروس كورونا فقط سُجّلتا أمس في مختلف مناطق لبنان باستثناء قضاء بشرّي. فبعد إعلان وزارة الصحة تسجيل 14 إصابة جديدة من أصل 242 فحصاً مخبرياً ليرتفع العدد الإجمالي للإصابات إلى541 إصابة، تبيّن أن 12 منها تعود الى الإصابات التي سُجّلت في قضاء بشرّي، وأعلنت عنها إدارة مُستشفى بشرّي الحكومي، مساء أول من أمس، ما يعني أنّ بقية المناطق سجلت إصابتين فقط. كما كان لافتاً إعلان مُستشفى رفيق الحريري الجامعي الحكومي عصراً عدم تسجيل أي إصابة جديدة، وتماثلت خمس حالات للشفاء، ما يرفع إجمالي المتعافين إلى 60 شخصاً، فيما بلغ عدد الوفيات ، علماً بأن وتيرة الإصابات الجديدة في المُستشفى انخفضت بشكل كبير في الأيام القليلة الماضية، وراوح معدل تسجيل الإصابات بين إصابتين وخمس.سبب الانخفاض، وفق رئيسة دائرة المختبر الطبي في المُستشفى ريتا فغالي، هو تراجع أعداد الفحوصات، لافتة إلى أن المختبر كان يُجري سابقاً «بين 200 و250 فحصاً، فيما أجري أمس نحو 100 فحص أو أقل بقليل».
هل يعني ذلك أن هناك نقصاً في معدّات الفحوصات؟ «بالتأكيد لا»، تُجيب فغالي، مُشيرة إلى أن المُستشفى يملك حالياً القدرة على إجراء نحو 300 فحص، «إلّا أن نسبة الإقبال على الفحوصات تراجعت»، مُرجّحةً أن سبب هذا التراجع قد يكون مُرتبطاً باعتماد مختبرات أخرى، ما خفّف الضغط عن المُستشفى الحكومي. وإذا كان انخفاض عدد الفحوصات في «الحريري» مفهوماً في السياق الذي تورده فغالي، يبقى التساؤل الأبرز مرتبطاً بسبب تراجع عدد الفحوصات في بقية المختبرات الـ16 المعتمدة.
مصادر «الصحة» اكتفت بالإشارة إلى أن أول من أمس كان يوم أحد «ولم تعمل في هذا اليوم إلا ثلاثة مختبرات»، من دون أن تعطي أي تفاصيل أخرى تتعلّق بفرضية النقص في معدات فحوصات الـpcr. إلا أن ما يعزّز هذه الفرضية هو إشارة رئيس لجنة الصحة النيابية عاصم عراجي الى تأخير في وصول بعض المعدات والتجهيزات المرتبطة بمكافحة الوباء. وهو أوضح في اتصال مع «الأخبار» أنّ لبنان «لا يُعدّ من البلدان التي تتمتع بالأولوية الكفيلة بتزويده بسرعة بالمعدات كما هي حال إيطاليا وإيران مثلاً، بسبب السيطرة الجزئية على الوضع الذي يظهره تتبّع المُنحنى الوبائي الذي يسير فيه لبنان».
ولكن هل يُمكن البناء على المنحنى في وقت يُشكك فيه كثيرون في العدد الفعلي للإصابات؟ «يُقرّ» عراجي بعدم إمكان اعتماد الأرقام الحالية كتوصيف لعدد الإصابات الفعلي. وإذا كان العائق الحالي يتمثّل بالتأخير في تسلم المعدات اللازمة لإجراء فحوصات الـpcr، يبرز خيار «إجراء الفحوصات السريعة كوسيلة يمكن اعتمادها في المناطق من شأنها أن تكون دافعاً تحفيزياً للحجر»، وفق ما خلص البيان المُشترك الصادر عن نقابة الأطباء في لبنان والجمعية اللبنانية للأمراض الجرثومية الذي أشار إلى «الحاجة الماسة لزيادة عدد الفحوصات السريعة واعتمادها في المناطق البعيدة، والتي تُعدّ أوفر بكثير من فحوص pcr»، على أن «يتم التأكد من جودة هذه الفحوصات في مختبرات المستشفيات الجامعية قبل الموافقة عليها (...) واستعمالها تحت إشراف الأطباء، وأن تكون مجانية إذا أمكن». كذلك، أوصت النقابة بـ«ضرورة اعتماد الفحص السريع في المناطق البعيدة كجزء من تقييم طبي كامل تشرف عليه وزارة الصحة»، باعتبار أن تدبيراً كهذا من شأنه «تحفيز الناس في الأطراف على الالتزام أكثر بتدابير العزل والحجر»، و«سيخفف الضغط عن أقسام الطوارئ في المستشفيات المعتمدة (...) وسيسمح باكتشاف الأشخاص الذين اكتسبوا مناعة ويستطيعون بالتالي معاودة حياتهم بشكل طبيعي».
نحو 21% من الإصابات في المتن فيما لم تُسجل مناطق كالهرمل وراشيا أيّ حالة

كما أن أهمية الفحوصات السريعة في المناطق أنها تساعد في تحديد المناطق الموبوءة من غير الموبوءة، وتجنّب خيار المُضي في الإقفال التام وشلّ مختلف المناطق، وبالتالي اللجوء إلى عزل مناطق دون أخرى. ففي وقت يبدو فيه التوجه جدياً نحو تمديد إجراءات التعبئة العامة حتى أوائل أيار، يُعاد طرح النقاش المُرتبط بقدرة البلد الذي يرزح تحت أزمة نقدية واقتصادية ثقيلة على الصمود، وقُدرة اللبنانيين على تحمّل التداعيات.
خيار عزل مناطق دون أخرى تُبرّره المعطيات والأرقام الموضوعية التي تحتّم على المُتسلّحين بالأبعاد الطائفية والمذهبية تجاوزها. ففي وقت لا تزال فيه أرقام الإصابات في قضاء المتن مثلاً تواصل «التحليق» (115 إصابة بنسبة 21% من إجمالي الإصابات)، لم تسجل مناطق كالهرمل وراشيا أي إصابة حتى الآن.