انتشر «الهلع» في قضاء جبيل ما إن أعلن أن المواطن جان خوري الآتي من مصر، والذي نقل الى مستشفى المعونات في القضاء للمعالجة، مصاب بالكورونا وليس بالتهاب رئوي عادي. لم يستطع المستشفى الحدّ من آثار «خطأ» ارتكبه، لا سيما بعد نقل المريض الى مستشفى رفيق الحريري الحكومي حيث توفي هناك. فبعد إجراء الفحوصات المخبرية على طاقمه الطبي، ثبت إصابة 10 أفراد، إضافة إلى عامل نظافة، والمريض الذي كان في الغرفة نفسها مع خوري. جهّز المستشفى قسماً لاستقبال طاقمه الطبي، وتمَّ عزله نهائياً عن باقي الأقسام. ثمة آراء متناقضة عن الجهة التي تتحمل مسؤولية ما آلت اليه الأوضاع في «المعونات»، فهناك من يلقي باللوم على وزارة الصحة التي اتصل بها المستشفى لسؤالها عمّا إذا كان يفترض بها إخضاعه لفحص الكورونا، فأتى الجواب بالنفي على اعتبار أن مصر جهة «غير موبوءة»، فيما البعض الآخر يحمّل إدارة المستشفى وطاقمها الطبي مسؤولية «الاستهتار بالتعامل مع الحالة وإنكار إصابته حفاظاً على سمعة المستشفى، كما عدم تقيّد العاملين فيه بأدنى شروط الوقاية. وذلك أدى الى انتشار العدوى في المستشفى». وتقول المصادر في هذا الإطار إن إحدى الممرضات من إهمج نقلت الإصابة الى أحد أقربائها، فيما باقي الإصابات (4 أفراد التقطوا العدوى انطلاقاً من الحالة نفسها) من خارج القضاء. أما من اختلطوا بخوري الذي قضى نحو 4 أيام في بلدة شامات، فعزلوا أنفسهم من دون أن يظهر على أحدهم أي عوارض حتى الساعة. في موازاة خوري الآتي من مصر، شُخّصت إصابة أخرى بالكورونا حملتها شابة أتت من لندن وتسبّبت في إصابة عدد من أفراد عائلتها. وللقصة أيضاً صيغتان، الأولى تقول إن صديق الشابة هو الذي نقل العدوى اليها بعد أن جمعتهما سهرة في منطقة البترون؛ ظهرت العوارض على الشاب فطلب من أصدقائه إجراء الفحص، وهكذا اكتشفت الشابة إصابتها. لكن الرواية الأخرى تقول إن الشابة هي التي نقلت العدوى الى صديقها خلال السهرة، ولو أنها لم تكن تعاني من أي عوارض يومها. الثابت هنا، على ما تجمع عليه المصادر، أن عائلة المصابة تكتّمت على الأمر، وحجرت نفسها في منزلها في عمشيت، لكنها اضطرت أخيراً إلى الاعلان عنها نتيجة إصابة رجل وزوجته ممّن يعملون في المكتب الاداري لشركة محطات وقود يملكها والد الشابة المصابة. على أن حالة أخرى إيجابية ثبتت أيضاً لزوجة أحد الموظفين، من دون أن تظهر على الزوج أي عوارض، فيما خضع اثنان أول من أمس للفحص، في انتظار صدور النتائج. ومساء اليوم نفسه، تم نقل حالتين في جبيل الى مستشفى الحريري، من دون أن يعرف إن كانتا مصابتين بفيروس الكورونا أو لا.
ثمة من يقول إن استهتار مستشفى المعونات وعدم توافر معايير النظافة فيه أدّيا الى انتشار الوباء

تكاثر الحالات الإيجابية في جبيل خلال مدة زمنية قصيرة، أثار موجة من الذعر في القضاء، حيث بدأ الأهالي حالات الحجر الطوعي، وأقفلت الأسواق والمحال التجارية قبل الجميع. بلديات جبيل وعمشيت وإهمج وبلاط وغيرها بدأت عمليات التعقيم وتأمين أماكن للحجر الصحي، إذا ما تضاعفت الحالات المصابة. حزبا القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر يقومان أيضاً بالمساعدة عبر تجهيز طاقم طبي لتوعية السكان ومساعدتهم وتقديم الإرشادات اللازمة، فيما اجتمع نواب قضاءي جبيل وكسروان، الأسبوع الفائت، للبحث في سبل الدعم والتنسيق مع البلديات والمؤسسات لوضعها بتصرف الدولة. ويقول النائب سيمون أبي رميا لـ»الأخبار»: «إن العمل جار للبحث عن مراكز إضافية للحجر الصحي، خصوصاً للحالات التي لا تحتاج الى مستشفى، وحتى لا يُحرَم أيّ مريض بحالة حرجة من غرفة أو عناية ملائمة». لذلك، «يتم التواصل مع المؤسسات الدينية والفنادق ورجال الأعمال لإعداد بعض الأماكن الإضافية، في حال فاقت الأعداد المصابة قدرة المستشفى الحكومي في البوار». والواقع أن لا مستشفيات حكومية في القضاءين سوى مستشفى البوار في كسروان، وهو حتى الساعة غير مجهز لاستقبال إصابات الكورونا. لكن وزير الصحة حمد حسن حرر سلفة مالية لصالح المستشفى بعد اتصال النواب به، ليتم تجهيزه بقسم لهذه الحالات مؤلف من 12 غرفة، على أن توضع أجهزة التنفس في غرفتين أو ثلاث منه. من جانبها، قدمت مطرانية جبيل أحد المراكز التابعة لها في لحفد، وهو مؤلف من 23 غرفة يجري العمل على إعدادها. وقد تأسّست خلية أزمة في جبيل تضم الى جانب نوابها الثلاثة سيمون أبي رميا وزياد حواط ومصطفى الحسيني، رئيس اتحاد بلديات القضاء فادي مارتينوس ورابطة المخاتير والقائمقام نتالي مرعي الخوري ومسؤول وزارة الصحة في القضاء. تعقد هذه اللجنة اجتماعات يومية لمتابعة الإصابات وخارطة اختلاطها بآخرين، للتأكد من إجراء الفحوصات للجميع والحد من انتشار الفيروس. أما في كسروان، فوُضع بعض المستشفيات القديمة على لائحة إعادة التأهيل حتى يتمكن من استقبال المرضى. وفي هذا السياق، قدّم رئيس بلدية جونية ورئيس اتحاد بلديات كسروان جوان حبيش خيمة إسعافات مجهّزة لاستقبال المرضى، وفيها فريق طبي يعمل على غربلة الحالات قبيل دخولها الى المستشفى، فيما أعلن النائب الكسرواني شامل روكز تقديم مخصّصاته الشهرية كنائب في مجلس النواب الى مستشفى البوار الحكومي.