كارولين سكر صليبيأمام السياسة التمييزية التي تسعى بكل قواها إلى تحجيم دور النساء وإقصائهنّ عن ممارسة مواطنيتهنّ، نتساءل هل هذا الموقف يعبر عن إرادة سياسية، أم أن الرجال قوّامون على الحياة السياسية في لبنان ولا يريدون التنازل عن عرش استولوا عليه على مر الزمن؟
يقيس المؤشر الخاص بالفجوة بين الرجل والمرأة على أعلى مستوى في عملية صنع القرار السياسي من خلال نسبة النساء الى الرجال في مشاركتها في مواقع صنع القرار. من المعيب أن نشاهد لبنان في الترتيب 131 من بين 135 دولة.

هذه تساؤلات تستحق إجابات جدية تريد إحقاق الحق والعدالة وطرح موضوع إشراك المرأة في الحياة السياسية كإشكالية لا تقل أهمية عن أي إشكالية يتم التداول بها على الساحة السياسية.
ينص الدستور اللبناني على المساواة بين المواطنين عامة، لكنه لم ينص على المساواة بين الرجل والمرأة. كذلك ينص على المساواة أمام القانون، إلا أنه لم ينص على المساواة في القانون، وهذا بحد ذاته اعتراف ملتبس وغير واضح بموضوع المساواة بين النساء والرجال. وقد عملت العديد من الدول العربية على تعديل المواد الخاصة بالمساواة بين الجنسين وعدم التمييز ضد المرأة بسبب الجنس، وهذا ما أطلق عليه حملات «دسترة حقوق النساء» في الدول العربية.
ثمة اتفاقيات دولية عدة تضمن حق المرأة في المشاركة في الحياة السياسية، ولكن إخراج ذلك الحق من إطاره التجريدي إلى الواقع المعيش يتطلب عملاً دؤوباً على الأرض. تمثل الأحزاب السياسية جانباً رئيسياً في مشاركة المرأة في السياسة، إذ إن الأحزاب السياسية هي التي تقوم بتجنيد المرشحين للانتخابات واختيارهم، وهي التي تحدد جدول أعمال السياسات داخل البلد، إلا أنه توجد نزعة في الأحزاب السياسية بأن يكون تمثيل النساء كبيراً على المستوى القاعدي أو في الأدوار الداعمة، بينما يكون تمثيلهن محدوداً في مواقع صنع القرار. لا يوجد أي حزب يضع تمكين النساء وزيادة وعيهن السياسي في تخطيطه الاستراتيجي لكي يصبحن مهيآت للدخول إلى المعترك السياسي. وقد ظلت مشاركة المرأة في الأحزاب السياسية أقل بكثير من مشاركة الرجل، وهذا نتيجة منطقية إذا ما أخذنا بالاعتبار انعدام إمكانية الوصول إلى شبكات النفوذ الراسخة، وشُح الموارد المتوافرة، وقلة النساء الرائدات اللواتي يمثلن قدوة لسائر النساء ويقدمن الرعاية والإرشاد لهن، وأحياناً محدودية الدعم حتى من الأسرة والمجتمع المحلي.
لم يتخذ لبنان أي تدبير إيجابي لتشجيع المرأة وتعزيز مشاركتها في الحياة السياسية مثل الكوتا أو غيرها، وهو ثابت في مكانه وكأن الزمن لم يتغيّر ولم يسمع بالاتفاقيات الدولية، وهو ليس في عصر تعلم الفتيات واكتساحهن سوق العمل بنجاح ملحوظ، وكأننا نعيش بمنأى عن كل التطورات وعن عصر حقوق الإنسان والعدالة والمساواة الجندرية وإدماج النوع الاجتماعي في كل القطاعات والميادين في كل العالم.
من حقنا المشاركة بفعالية في العملية السياسية وإلزام الدولة للإسراع في تنفيذ ما التزمت به من وعود واتفاقيات وخطط وتطبيق قرارات دولية، مثل القرار 1325 وخطة عمل اسطنبول وغيرها من الوثائق.
إن النساء لهن رأيهن ورؤيتهن وفكرهن التغييري، ومن حقهن أن يعاملن كشريكات في رسم سياسات الحياة العامة. فإن استمر استبعاد النساء، يجب أن يقاوم بالنضال السلمي، وعدم السماح بأن يكنّ قوة ضاغطة في الانتخابات وأن يقمن بالحملات التعبوية الانتخابية للمرشحين الذكور وإبعاد النساء.
ويجب عدم التنازل عن مطلب الكوتا النسائية بحيث لا تقل عن 33% لمشاركة النساء في صنع القرار، بما في ذلك تعديل نظم وقوانين الانتخابات التي تضمن تلك المشاركة وإقرار الكوتا كتدبير إجرائي للوصول الى المناصفة الفعلية بين النساء والرجال. ولو اتفقت النساء على موقف موحد بالتأكيد سيغيرن موازين القوى في الانتخابات المقبلة.
* منسّقة «التعبئة والمناصرة من أجل الحملة المدنية للإصلاح الانتخابي» في التجمع النسائي الديموقراطي اللبناني