انتهت المهل لملفَّي المقالع والكسارات والنفايات من دون أن تناقش هذه «الكوارث» في جلسة مجلس الوزراء أمس، أو توضع أصلاً على جدول الأعمال!مطمر الجديدة على الشاطئ كان يفترض أن يتم الإعلان عن انتهاء قدرته الاستيعابية الشهر الماضي، مع تأكيد بعض العاملين فيه أن كل ما طمر فيه بعد بداية شهر آب، جرى تحت عنوان «الدحوشة» و«ملء الفراغات»، ومع تأكيد مصادر حكومية أن آخر موعد لانتهاء القدرة الاستيعابية لهذا المطمر الذي يستقبل نفايات كسروان والمتن وقسم من بيروت، هو نهاية أيلول.
رغم ذلك، ومع اقتراب انتهاء مهلة اتحاد بلديات الضاحية لوقف استقبال أكثر من ألف طن من النفايات في مطمر كوستا برافا (ما يعني التوقف عن استقبال نفايات الشوف وعاليه)، لم يجر بتّ تمديد الخطة الطارئة، ولا استكمال دراسة القضايا الاستراتيجية في هذا الملف كإعداد مشروع قانون للتخفيف، ووضع الآليات اللازمة لمرسوم الفرز من المصدر الذي وافق عليه مجلس الوزراء في جلسته الأخيرة في 27/8/2019، من دون أن يحصل نقاش عميق لمشروع الاستراتيجية التي اطّلع المجلس على مسودتها ووافق على قيام وزير البيئة بدراسة التقييم البيئي الاستراتيجي لها ليصار الى اعادة عرضها على الحكومة! بمعنى آخر، وأوضح، تم تأجيل النقاش بالاستراتيجية لحين انجاز دراسة التقييم… رغم أن المجلس اتخذ في الجلسة نفسها خيارات استراتيجية باعتماد عدد كبير من المطامر الجديدة ومحرقتين (في دير عمار وجنوب بيروت مع تسهيل عمل بلدية بيروت لإنشاء محرقة ضمن نطاقها البلدي)!
فكيف يمكن تأجيل البحث في الاستراتيجية واتخاذ قرارات استراتيجية خطيرة كالمحارق في الوقت نفسه؟! مع العلم بأن اهمية التقييم الاستراتيجي هي أنها تبيّن الأبعاد الاقتصادية والصحية والعلمية والاجتماعية والمناخية والجغرافية والسكانية التي لا تناسب جميعها خيار المحارق المكلف بكل المعايير!
ويبدو أن الوزراء لم يطلعوا على آخر التطورات في ملف المحارق او معامل التفكك الحراري «في المصدر»، وكيف توقفت اكبر محرقة في امستردام عن العمل أخيراً وأوقعت المدينة في أزمة كبيرة، بعد تشديد الإجراءات البيئية عليها، مع أن هذه المحرقة كانت تعتبر حتى وقت قريب «محجة» لتكنولوجيا التفكك الحراري! وفي الوقت نفسه، فإن اختيار مواقع للمطامر الـ 25 التي اقترحتها وزارة البيئة ووافق عليها مجلس الوزراء لا يزال يهز المناطق.
أما في ملف المقالع والكسارات ومشروع تعديل المرسوم التنظيمي والمخطط التوجيهي الذي تقدمت به وزارة البيئة، والذي أنهت اللجنة الوزارية برئاسة رئيس الحكومة دراسته وأحالته الى مجلس شورى الدولة، فإنه أيضاً لم يصل الى جدول أعمال مجلس الوزراء، مع العلم بأن «مهلة المهل» لتلك الاستثمارات غير المرخصة تقترب من الانتهاء، وليس في جعبة اللجنة الوزارية غير ترسيخ بدعة «الاستثمار التأهيلي» لكل انواع المقالع، أي استمرار الاستثمارات المخالفة وفي أماكن خارج المخطط التوجيهي، بحجة إعادة تأهيل هذه المواقع المشوهة بمهلة تنتهي في 21/3/2021، مع الإبقاء على «حالات الاستثناء» الاستثمارية «التاريخية»، وهي الأكبر والأكثر ضرراً، وتأتي تحت ذريعة تأمين «مقالع صخور لزوم المشاريع الكبرى» مثل السدود والمرافئ والمطارات والطرق البحرية! وهي التي تؤمن الربح الأكبر للمستثمرين وشركائهم في الحكم وتتسبب بالضرر الأكبر والخرق الأكبر للقوانين والمخططات التوجيهية...الخ وبعد أن تمر هذه المرحلة الانتقالية الممعنة في التخريب والتدمير والتشويه، اي بعد التمديد للمرة ما بعد العشرين للمهل الادارية الجديدة، تنتقل وزارة البيئة إلى إعداد مشروع قانون جديد لتنظيم هذا القطاع وتعدّ دراسة تقييم بيئي استراتيجي له تتضمن الاعتبارات البيئية والاقتصادية كافة. وكما هي الحال مع ملف النفايات، كذلك مع ملف المقالع والكسارات: الاستثمارات الكبرى والخيارات الاستراتيجية أولاً، وبعدها، أي بعد خراب البصرة، يأتي التخطيط والتقييم الاستراتيجي!