مع انتهاء عمليات الطمر، بدأت التدخلات السياسية لإقناع المحتجين بفتح الطريق، مع وصول النائب عثمان علم الدين الذي أعلن أنه تواصل مع الحريري وأن الأخير اتخذ قراراً للمرة الثانية بوقف الأعمال في المطمر، وطلب من المعتصمين فتح الطريق ومرافقته الى تربل لمنع المتعهد من إكمال عمله. لكن من توجهوا الى الموقع، فوجئوا بحفرة مستحدثة، بقطر أكثر من 500 متر وعمق نحو 10 أمتار. وبحسب معلومات «الأخبار»، تم إفراغ حمولة أكثر من 30 شاحنة من النفايات المتحللة وغير القابلة للفرز، وطمرها في الحفرة من دون وضع أي عازل تحتها لمنع عصارة النفايات من التسرب الى المياه الجوفية.
لم تلتزم وزارة البيئة بشرط عزل أرضية المطمر قبل إفراغ عشرات الشاحنات فيه
فصول «الخديعة» التي يرويها ناشطون ومعترضون على المطمر، تتبدّى جلية في كتاب مرسل من وزارة البيئة الى وزيرة الداخلية والبلديات يشرح المعطيات والأسباب التي دفعت الوزارة الى اختيار أرض تربل. إذ يشير الى أن الموقع «بعيد عن مجاري المياه» و«يبعد حوالى 450 متراً عن أقرب منزل» و«حوالى 95 متراً عن قهوة صغيرة»، علماً أن المقهى المقصود عبارة عن منتجع سياحي تبلغ مساحته نحو مليون متر مربع! ويؤكد الكتاب أنه بناء على دراسة الأثر البيئي تمت الموافقة على استخدام مطمر تربل، «كحل مؤقت لتجميع وطمر النفايات المنزلية بطريقة صحيحة وسليمة بيئياً (...) على أن يتم تزويد أرضية العقار بطبقة عازلة (liner) لمنع تسرب مياه العصارة الى التربة والمياه الجوفية، وتغطية النفايات المطمورة بطبقة من التراب بشكل دوري، وتجميع مياه العصارة في مستوعبات منفصلة تمهيداً لمعالجتها». إلا أنه على أرض الواقع، فإن أياً من هذه الشروط لم يُطبق باستثناء إفراغ النفايات كما هي وطمرها عشوائياً.
الخبير البيئي سمير زعاطيطي وصف ما حدث بـ«الكارثة البيئية»، وقال لـ«الأخبار» إن «ما جرى كان أشبه بتهريبة للنفايات من دون مراعاة أدنى الشروط البيئية. إذ لم يوضع أي عازل في أرضية المطمر قبل رمي النفايات فيه». ولفت إلى أن التربة التي جرى الطمر بها هي تربة صلصالية صالحة للزارعة، أما الطبقة السفلية تحت النفايات، فهي من طبقة الصخور المتشققة، ما يُخشى معه من تسرب عصارة النفايات المتحللة عند أول شتوة الى خزانات المياه الجوفية والآبار». ونبّه إلى أنه «لم تُعرف نوعية النفايات التي طمرت وما إذا كانت تتضمن نفايات مصانع أو نفايات طبية».