وسط حضور للقوى الأمنية وتحت إشرافها، بدأت سريعاً أعمال الحفر والجرف في عقار في بلدة تربل، عند أطراف قضاء زغرتا لجهة المنية، لإقامة «مطمر صحي» لنفايات أقضية ​الكورة وبشري و​زغرتا​ والمنية والضنية (أكثر من 1500 طن من ​النفايات​ يومياً).ومعلوم أن الأقضية الأربعة تعاني، منذ إقفال مكبّ بلدة عدوة مطلع نيسان الماضي، من أزمة نفايات غطّت شوارعها وساحاتها ومساحات واسعة من جبالها وأوديتها، مفرّخة عشرات المكبات العشوائية. وطُرحت على مدى الاشهر الأربعة الماضية اقتراحات عديدة لأماكن مطامر، إلا أنها كلها لقيت اعتراضات شعبية أدّت الى صرف النظر عنها.
الاعلان عن المطمر الذي تبلغ مساحته 600 ألف متر مربع جاء بعد لقاء أول من أمس جمع وزير البيئة فادي جريصاتي ومحافظ الشمال رمزي نهرا ورؤساء اتحادات بلديات الضنية والمنية وزغرتا والكورة وبشري. جريصاتي الذي لم يعلن عن موقع المطمر، أكد أنه سيكون مؤقتاً و«باركينغ»، لافتاً الى أن الحلّ الذي اعتمد «عابر للطوائف ولكل المذاهب»، في إشارة الى توافق جميع القوى السياسية والنواب عليه، فيما أكدت مصادر المجتمعين أن «القرار قد اتخذ، وتنفيذه سيبدأ قريباً، والاعتراض عليه ممنوع».
رئيس اتحاد بلديات المنية خالد الدهيبي أوضح لـ«الأخبار» أن «الوزير أكد في اللقاء في سراي طرابلس أن مطمر تربل المقترح حاز موافقة كل التيارات السياسية من دون استثناء ونواب الأقضية الأربعة». وتابع: «لم يأخذ الوزير رأينا في الموضوع، فقد جاء الى الاجتماع لإبلاغنا فقط. وقد اقترحنا أن يكون الحل في أن يتحمّل كل قضاء مسؤولية نفاياته، فلم تتم الموافقة على الاقتراح».
«الأخبار» حاولت التواصل مع نائبي قضاء المنية الضنية عثمان علم الدين وسامي فتفت للوقوف على رأييهما، إلا أنهما لم يجيبا على الاتصالات، فيما هنّأ النائب جهاد الصمد «أهالي قضاء المنية ــ الضنية وبقية الأقضية الشمالية على الحل الذي أنهى أزمة النفايات»، مؤكداً أن «هذا الحل المؤقت يجب أن يدفع الجميع إلى التعاون والبحث جدّياً من أجل التوصل إلى حلّ دائم لمشكلة النفايات، يتلاءم والشروط البيئية والصحية المطلوبة.
على الأرض، اعتصم عدد من أهالي تربل رفضاً للقرار، ونصبوا خيماً في موقع المطمر، ما أدى الى وقوع إشكال بينهم وبين العاملين في شركة التعهدات التابعة للمتعهد عبد الهادي حسون (محسوب على تيار المستقبل) التي تقوم بتجهيز المطمر، الأمر الذي استدعى تدخل قوة من الجيش.
تجدر الإشارة الى أن المطمر يبعد حوالى 500 متر عن قرية «ميرادور» السياحية التي تعدّ من أبرز المعالم في المنية، وباتت وجهة للزوار من مختلف المناطق. واعتبر المحامي محمد ملص، المسؤول عن المشروع، أن «ما يجري استهداف خطير للسياحة أولاً ولصحة الناس ثانياً، خصوصاً أن موقع المطمر المقترح، هو خزان للمياه الجوفية».
من جهته، وصف الخبير الهيدروجيولوجي سمير زعاطيطي اختيار موقع تربل بـ«الكارثي». ونشر على صفحته على «فايسبوك» أن «تربل هي جزء من مخزن صخري كربوناتي قاس ومشقق ويذوب بالمياه». وأوضح «بكلمة واحدة» أن «المكب الذي سيضع نفايات غير مفروزة على سطح صخور كربوناتية ذات نفاذية عالية لتسريب المياه السطحية، ونفايات حاوية لكل أنواع السموم والمعادن الثقيلة والمواد العضوية، سيشكل مجزرة بيئية حقيقية بحق المخزن الجوفي العائد للعصر الميوسيني المحيط بطرابلس (المستطيلات البرتقالية) ولكل الآبار الاستثمارية العامة والخاصة المحفورة والمستثمرة، لا سيما آبار طلعة القبة»، محذّراً من «الكارثة الجديدة التي ستضرب طرابلس ومحيطها المباشر، من المنية شمالاً حتى دده جنوباً».