بين السادس من آذار والثامن من أيار الماضيين، جمعت المصلحة الوطنية لنهر الليطاني عيّنات من بعض مجاريه في الحوضين الأعلى والأدنى، لفحص نسب التلوث. النتائج بيّنت أن الليطاني لا يزال غير صالح للإستعمال، سواء للري أو السباحة، رغم غزارة المتساقطات في الأشهر الماضية. والسبب استمرار تدفق ملايين الأمتار المكعبة من الملوثات، بعد عام على انطلاق حملة غير مسبوقة لملاحقة الملوثين ومحاسبتهم!نتائج التحليل أظهرت تلوّث بحيرة القرعون ومفيضها وأقنية التصريف بجراثم ناتجة عن الصرف الصحي. واللافت أن فحص عينات أخذت من البحيرة في الأسبوع الثالث من آذار أظهر أنها صالحة للري. إلا أن النتائج اختلفت بعد تحليل عيّنات أُخذت في نيسان الماضي، إذ تبيّن أنها لم تعد صالحة للري، بسبب عدم ضبط مصادر التلوث في الحوض الأعلى والتي تصب في البحيرة. وقد تبيّن وجود مركزات عالية فوق المعدلات المسموح بها من البوتاسيوم المرتبط بالصرف الصحي والمكبات العشوائية ومصانع أدوات التنظيف والصابون والدباغات. وبيّنت العينات التي أخذت من عمق 20 متراً، تلوث البحيرة بمركزات عالية من الألومينيوم والكادميوم والحديد، وبنسب عالية من «كبريتيد الهيدروجين» الذي ينتج عن تحلل المواد العضوية. في المقابل، أظهرت دراسة للتنوع البيولوجي في القرعون، بعد المتساقطات، وجود تحسن كبير. فـ«السيانوبكتيريا» التي استقرت في البحيرة خلال سنوات الشح الماضية، انحسرت، في مقابل نمو 35 نوعاً من الطحالب والحيوانات المجهرية.
وفي الحوض الأدنى، أخذت المصلحة عينات من نبع عين الزرقا ومجراه ومحيط مشروع الطيبة والمجرى الذي يليه ومجرى الخردلي وقعقعية الجسر وسد الزرارية ومحطة ضخ القاسمية. العينات كررت نتائج التحاليل السابقة بأن النهر غير صالح للري لوجود معدلات عالية من الجراثيم الناتجة عن مياه الصرف الصحي، ما يشير الى أن الوضع سيزداد سوءاً في الصيف بعد التبخر وانخفاض مستوى مياه النهر في ظل استمرار تدفق الملوثات.
مع ارتفاع درجات الحرارة والتبخر سترتفع تركيزات الملوثات في مياه النهر


المقارنة بين العينات التي أُخذت من الحوضين، تظهر تلوثاً أقل في الأدنى، ناتجاً عن الضغط الأقل في استقبال الملوثات. وقد أجرت المصلحة مسحاً تفصيلياً للحوض في نيسان الماضي، أظهر أن الصرف الصحي هو مصدر التلوث الرئيسي، وأحصى نحو مليون ونصف مليون متر مكعب من المياه المبتذلة سنوياً تحول الى النهر مباشرة، في مقابل ثلاثة ملايين متر مكعب تصرّف في الوديان والجور الصحية والأماكن المفتوحة ثم الى النهر. أما الصرف الصناعي، فلا يتعدى 522 متراً مكعباً في وقت الذروة، تنتج بمعظمها من معاصر الزيتون ومناشر الحجر. وقد أدى قرار وزارتي الداخلية والبيئة بوقف مغاسل الرمول والكسارات عن العمل في جبل الريحان ومرجعيون والخردلي دوراً رئيسياً في عدم تعكير صفو المياه.
بين 3 آذار و 7 أيار الماضيين، بلغ مجموع المياه الفائضة من بحيرة القرعون نحو الحوض الأدنى حوالي 62 مليون متر مكعب. وقد أدى الفائض مع المتساقطات إلى جرف المخلفات المتراكمة في مجرى النهر وقعره. لكن، «كل ذلك لم ينه مشكلة التلوث»، بحسب رئيس المصلحة سامي علوية. إذ لا يزال النهر في حوضه الأدنى، كما الأعلى، «غير صالح للري والسباحة. أما نسب التلوث الكيميائي الخفيفة فجاءت نتيجة نسبة المتساقطات الكبيرة. لكن مع ارتفاع درجات الحرارة والتبخر ستقل نسب المياه في الليطاني والقرعون. وبالتالي سترتفع تركيزات مختلف الملوثات مما سيجعل المياه غير صالحة للري بتاتاً اذ لم يتم وقف صرف النفايات الصناعية والزراعية والصرف الصحي الى المجرى».