من شرفة المنزل الذي تعمل فيه في شارع الجزائر ببيروت، أطلّت أمس، إحدى العاملات الأجنبيات رافعة علامة النصر، في تحيّة إلى المشاركات والمشاركين في المسيرة العاشرة لعاملات المنازل المهاجرات بمناسبة عيد العمال. المسيرة انطلقت ظهر أمس، من تقاطع السوديكو نحو حديقة المفتي حسن خالد في عائشة بكار، بدعوة من منظّمة «كفى» وبالتنسيق مع منظمات أخرى.في مبنى ملاصق، وقفت عاملة أخرى متأثرة بتصفيق المشاركين لها وهتافاتهم... تراجعت قليلاً ثم عادت وأرخت يديها على سجادة متدلّية من الشرفة، ربما كانت تنظفها قبل قليل في يوم عطلتها «المزعوم». على الجهة المقابلة من الشارع، اكتفت عاملة أخرى بالتقاط الصور من النافذة مرتدية «زي العمل» الزهري.
العاملات «المتفرّجات» على المسيرة، لا يملكن «رفاهية» المشاركة في تحرّك من هذا النوع مثل سائر العاملات المشاركات. حرمان العاملات من يوم إجازة في الأسبوع، واحد من انتهاكات عدة يتعرّضن لها في لبنان. «لأنو ما شي تغيّر»، كرّرت العاملات في مسيرتهنّ العاشرة، المطالب «السنويّة» نفسها: «إلغاء نظام الكفالة واستبداله بقوانين هجرة عادلة، ضم عاملات المنازل الى قانون العمل، وقف الاحتجاز الإداري للعاملات ضحايا العنف، وقف احتجاز وترحيل العاملات اللواتي ينجبن أطفالاً ويُنشئنَ عائلات، مراقبة عمل مكاتب الاستقدام والتشدّد بمعاقبة المنتهكين، التحقيق الجدّي في حالات موت العاملات، والملاحقة القانونية الفعلية للمعتدين عليهنّ».
«يعاملوننا بسوء، في حين أن اللبنانيين في الكاميرون يعامَلون بشكل جيّد ويحصل بعضهم على الجنسية!»


«جئنا إلى هنا للعمل، لماذا يعذّبوننا؟ لماذا تسقط بنات بلدي عن الشرفات؟»، تسأل «بيتي» العاملة الإثيوبية. مواطنتها «كوكي» تفسّر ما كتب على لافتة بلغة بلدها، «العبارة تعني أن العاملة المهاجرة تشبه شمعةً تحترق لأجل عائلتها البعيدة عنها لأجل تأمين المال لها»، وتضيف: «تركتُ جامعتي لأنني لم أستطع سداد القسط، وجئت لأعمل هنا منذ 4 سنوات، أعمل بشكل مضاعف، لكن المال الذي أتقاضاه ليس كافياً لأسافر إلى عائلتي». بالفرنسية ردّدت العاملات الآتيات من الكاميرون الهتافات، تعبيراً عن تضامنهنّ مع مواطناتهنّ وغيرهنّ من العاملات. «عليهم إعطاءنا حريتنا واحترام حقوقنا» تقول إحداهنّ، وتتابع «لم نكن نعرف كيف هو الوضع قبل المجيء إلى لبنان، يعاملوننا بسوء كالقذارة والبهائم، غير آبهين لأمرنا، في حين أن اللبنانيين في الكاميرون يعاملون بشكل جيّد ويستأجرون في أحياء آمنة ويحصل بعضهم على الجنسية!». «ماري» الكاميرونية ليست عاملة وحسب بل ناشطة في لبنان، «أنا أنشط للدفاع عن جميع العاملات، تتم معاملتي بشكل جيد، لكن أخريات يتعرّضن للإساءة وهذا يؤلمني. أتينا لنقول إننا مثل اللبنانيات، ولسنا كالحيوانات، ليس لدينا حقوق وحتى الحقوق المكفولة في عقود عملنا لا يتمّ احترامها. لا لنظام الكفالة والمعاملة السيئة والانتهاكات».
تينا واحدة من العاملات المظلومات، اللواتي رُفعت اللافتات لأجلهنّ: «حرّروا تينا من قيد الكفالة»، «حاسبوا المعتدين عليها»، «ملف تينا وين صار؟»... وتينا وفق إحدى الناشطات «جاءت للعمل في لبنان منذ 5 أشهر، وتعرّضت للعنف والاستغلال والضرب والإهانات والحرمان من أجرها»، مضيفة: «تينا اليوم موجودة لدى جمعية «كفى»، وتطالب باسترداد حقوقها من كفيلها والبقاء في لبنان للعمل بطريقة قانونية خارج قيد الكفالة». شعار نقابة العاملات في الخدمة المنزلية، وشعار الاتحاد الوطني لنقابات العمال والمستخدمين في لبنان، ترافقا معاً على القمصان واللافتات التي حملت مطلب «العمل اللائق لعاملات المنازل، نعم للتوقيع على الاتفاقية الرقم 189، نحن نعمل تحت ظروف خاصة، لكن حقوقنا عالمية».
«لا للعبودية، لا لنظام الكفالة، أعطونا حقوقنا، جئنا للعمل لا لنموت»، هي عيّنة من الشعارات التي رفعها العمال الأجانب الذين حضروا بشكل لافت، إنما بأعداد أقلّ من العاملات. بينما استطاع عمال آخرون التلويح فقط من سطح مبنى قيد الإنشاء، أو التصفيق من داخل محطة وقود.