لم يشبه موسم الأنفلونزا، هذا العام، مواسم سابقة. ازدحام العيادات و«طوارئ» المستشفيات بالمصابين عزّز الانطباع بأن هذا الموسم «غير». وفي الفترات التي رافقت ذروته، أثار هلعاً أعاد إلى الأذهان موسم الأنفلونزا الشهير عام 2009، الذي شهد «أول دخول» الـ «إتش 1 إن 1» التي عرفت، حينذاك، بـ«أنفلونزا الخنازير». التقرير الصادر، حديثاً، عن وزارة الصحة لتقييم موسم الأنفلونزا لهذا العام، ونتائج تحاليل لعيّنات قام بها مركز أبحاث الأمراض المعدية في الجامعة الاميركية في بيروت، أكّدا ارتفاع نسبة الإصابة بفيروس «إتش 1 إن 1» الذي التحق بـ«فصيلة» الأنفلونزا الموسمية العادية، رغم اختلاف العيّنات التي جرى مسحها. إذ ارتكزت عيّنة «الصحة» على الحالات الحادّة التي أدخلت المستشفيات، فيما شمل تقرير «الأميركية»، إضافة إلى الحالات الحادة، تلك العادية في العيادات أيضاً.نتائج تقرير وزارة الصحة بينت أن نسبة الإصابة بالنوع «A» من الأنفلونزا يصل إلى 98,6%، في مقابل 1,4% للنوع «B». وضمن النوع الأول، سجّل فيروس H1N1 ما نسبته 49,3% من الإصابات، في مقابل 45,1% لفيروس H3N2. مع ذلك «ما زالت المؤشرات الوبائية حتى الآن ضمن المعدلات المتوقعة وطنياً»، بحسب بيان الوزارة. وهو ما تشير إليه أيضاً نتائج تحاليل مركز الأبحاث في الجامعة الأميركية.
وبغضّ النظر عن أن هذه النسبة التي تلامس 50 في المئة لا تزال ضمن «المتوقع»، إلا أنها تعيد فتح الباب للحديث عن نسب التلقيح والعلاقة بين انخفاضها وارتفاع نسبة الإصابة بالأنفلونزا. بحسب الدكتور حسن زراقط، الباحث في قسم علم الأمراض التجريبية وعلم المناعة ومركز أبحاث الأمراض المعدية في الجامعة الأميركية، لا تتخطى نسبة التلقيح في لبنان «من 6 إلى 7%». ورغم أنها «من الأفضل في منطقة الشرق الأوسط»، إلا أنها تبقى «دون المقبول»، بحسب زراقط. وهذا هو السبب الثاني لارتفاع معدّل الإصابة بالأنفلونزا. أما السبب، فهو «تغيّر أنواع الفيروسات التي يمكن أن يحملها كل عام». هذا التغيير يؤثر بطبيعة الحال في نسبة الاستفادة من اللقاح، إذ «كلما كانت التغييرات أكبر، قلّت فعالية اللقاح».
نحو 50 وفاة سنوياً بين كبار السن بسبب تفاقم عوارض الأنفلونزا


%7 بالكاد تغطي الجزء اليسير من الشريحة الأكثر تعرضاً لخطر «الموت» بالأنفلونزا الحادة، وهم صغار السن دون الخامسة وكبار السن، إضافة إلى من يعانون من أمراض مزمنة. ومن بين هؤلاء، غالباً ما يكون كبار السنّ الأكثر عرضة لتفاقم العوارض والوفاة أحياناً. وبحسب التقديرات في لبنان، إن نسبة من يتوفون ممن هم فوق الـ74 عاماً بسبب تفاقم عوارض الأنفلونزا نحو 290، بمعدّل وسطي يبلغ 50 وفاة سنوياً.
في لبنان، لا إحصاءات دقيقة تبيّن ما الذي يحدثه الموسم الذي يوشك اليوم على الانتهاء. ما نعرفه أن الموسم كان «قوياً». ما دون ذلك، لا شيء سوى التقديرات، التي لا تصل في الجزء الأكبر منها إلى اليقين. يحدث كل ذلك مترافقاً مع إعلان منظمة الصحة العالمية أن العالم مُقبل على مواجهة حتمية مع موجة جديدة من فيروس الأنفلونزا، داعية إلى «الاستعداد لمواجهة الدمار المحتمل الذي يمكن أن يسببه ذلك، مع عدم الاستهانة بالمخاطر».