طوال عشرين عاماً، لم تشهد الفجوات بين الجنسين في ميدان العمل تحسّناً يُذكر، ولا تزال نسبة النساء في المناصب العليا متدنّية، من دون تغيير في السنوات الثلاثين الفائتة. هذه أبرز خلاصات تقرير منظمة العمل الدولية عشية يوم المرأة العالمي، والذي اعتبر أن العائق الاساس أمام تحقيق المساواة في العمل يعود الى الاعمال الرعائية غير المأجورة التي تقوم بها النساء.قد يحتاج تحقيق المساواة بين الجنسين في الوقت المستغرق في أعمال الرعاية غير المأجورة والعمل المنزلي نحو مئتي عام. في السنوات العشرين الماضية، مثلاً، لم يرتفع الزمن الذي ينفقه الرجل في اليوم على الرعاية والعمل المنزلي إلا ثماني دقائق فقط فيما بالكاد تراجع ما تنفقه المرأة من وقت على الرعاية.
الإنطلاق من هذه النقطة يُعدّ ضرورياً للإشارة الى أن أحد أهم عوامل عرقلة تحقيق المساواة في العمل بين الجنسين هو عامل الرعاية غير المأجورة، وفق تقرير «قفزة نوعية نحو تحقيق المساواة بين الجنسين: من أجل مستقبل عملٍ أفضل للجميع» الذي أصدرته منظمة العمل الدولية، أمس، عشية يوم المرأة العالمي.
بحسب التقرير، فإنّ الفجوات بين الجنسين في ميدان العمل لم تشهد أي تحسّن يُذكر طوال 20 عاما، وأن الفارق في معدّلات توظيف المرأة والرجل لم يتراجع في السنوات الـ27 المنصرمة سوى أقل من نقطتين مئويتين، فيما كان احتمال عمل المرأة يقل بنسبة 26% عن الرجل في عام 2018.
الفجوات بين الجنسين في ميدان العمل لم تشهد أي تحسّن طوال 20 عاماً


اللافت هو ما يُشير إليه التقرير لجهة ما أسماه «عدم المُساواة في تشغيل الأمهات»، وهو الفارق في نسبة الأمهات العاملات اللواتي لديهن أطفال دون السادسة من عمرهم مع بقية الأمهات. إذ أن هذا الفارق ارتفع خلال الفترة الممتدة بين عامي 2005 و2015 بنسبة 38%. وفي سياق متصّل، يشير التقرير الى أنّ 25% فقط من المديرين الذين لديهم أطفال دون سن السادسة من النساء
إلى ذلك، لا تزال نسبة النساء في المناصب العليا متدنية، «وهو وضع لم يطرأ عليه تغيير يذكر في السنوات الثلاثين الفائتة»، إذ أن أقلّ من ثلث المديرين نساء «وإن كنّ على الأغلب أفضل تعليماً من نظرائهن الذكور». ويلفت التقرير الى أن التعليم ليس السبب الرئيسي لتدني معدلات عمل المرأة وانخفاض أجرها، «بل إن المرأة لا تحصل على الفوائد عينها التي يحصل عليها الرجل ذو المستوى التعليمي نفسه».
في المجمل، لا تزال الفجوة في الأجور بين الجنسين تبلغ 20% عالمياً، وترتفع معاناة الأمهات من عدم المُساواة في أجرهن في حين يحصل الآباء على علاوة في الأجر.
وتخلص المنظّمة الى أنه على رغم أن الفجوات بين الجنسين في مجال العمل لا تزال قائمة، إلا أنّ الحلول الكفيلة بإحراز تقدّم ملموس باتت واضحة. فتحقيق المساواة بين الجنسين يعني تعديل السياسات واتخاذ إجراءات في مختلف المجالات المرتبط ببعضها، لافتة الى امكانية وضع أجندة لقياس تحقيق المساواة بين الجنسين ولتحديد مسار الحقوق «الذي هو الأساس لعالم منصف من العمل» بما فيها الحق في تكافؤ الفرص، الحق في التحرر من التمييز والعنف والتحرش، والمساواة في الأجر عن عملٍ ذي قيمةٍ متساوية. ويدعو التقرير إلى وضع سياسات وهياكل للرعاية تشمل الجميع، «فزيادة أعمال الرعاية في مستقبل العمل تعني أيضاً خلق فرص عمل كثيرة».