ردّ المجلس الأعلى للتنظيم المدني، في جلسة عقدها مساء أول من أمس، طلب بلدية بيروت الإجازة لها استعمال أجزاء من الأملاك العامة البحرية لتوسعة الكورنيش البحري في منطقة المنارة. وطلب مزيداً من التفاصيل حول المشروع لدرسه، بعدما وردته ملاحظات على طبيعة المشروع، أبرزها أنه لا يعالج تعديات بعض المنتجعات على الكورنيش، ويقوم على ردم البحر وتدمير الصخور التاريخية لشاطئ عين المريسة.وكانت البلدية قد وضعت، أخيراً، مخطّطاً لتطوير الكورنيش، يتضمّن توسيع الفسحة المخصصة للمُشاة عبر خلق مساحات إسمنتية ذات مستويات متدرجة. ونظّمت لقاءات عدّة عرضت فيها مخطط المشروع الذي لم تعلن كلفته، على مهتمين وناشطين ومعنيين بملف الأملاك العمومية البحرية والتخطيط المدني.
قرار التنظيم المدني أتى بعد تلقّيه شكوى من «بيروت مدينتي» تحذّر من تكريس «سابقة خطيرة على الشاطئ نتيجة الموافقة على مشروع لا يتخذ الإجراءات البيئية اللازمة للمحافظة على طبيعة المنطقة الفريدة». كذلك دعا «ائتلاف الشاطئ اللبناني»، في رسالة إلى المجلس، إلى عدم الموافقة على طلب البلدية بشكله الحالي «لخطورة ما يحمله من التباس وغموض». الملاحظات التي وردت إلى المجلس أجمعت على أهمية الكورنيش البحري بوصفه مساحة عامة أساسية لسكّان العاصمة وضواحيها، ولذلك فإن أي قرار يغيّر من طبيعته يجب أن يؤخذ بحذر وشفافية، وأي مبادرة لتحسينه تقتضي أن تُحسّن ولوج السكان إلى الشاطئ مع المحافظة على خصائصه الطبيعية ومُلكيته العامّة.
ملاحظات «الائتلاف» و«بيروت مدينتي» شدّدت على ضرورة إعادة دراسة الأثر البيئي، لكون الشركة التي كُلّفت إعداد الدراسة هي نفسها التي ستتولى التنفيذ «ما يُشكّل خرقاً قانونياً وتضارباً فادحاً في المصالح»، ودعت إلى تكليف «جهة مُستقلّة للتنبّه للآثار البيئية والثقافية المحتملة للمشروع قبل اتخاذ أي قرار (...)». ولفت «الائتلاف» إلى أنّ طلب البلدية في حال قبوله «يؤدي إلى استباحة الأملاك العامة البحرية على واجهة بيروت الممتدة من الأرتيزانا إلى الحمام العسكري». إذ إنه «لا يُحدّد نطاقاً دقيقاً لإقامة المشروع، ولا يشمل وصفاً دقيقاً له، بل يرمي إلى الحصول على ضوء أخضر لإنشاء أيّ مشروع على أيّ جزء من المنطقة». فيما أشارت «بيروت مدينتي» إلى إغفال المشروع تلوّث البحر وعدم تقديمه اقتراحات لمعالجة الصرف الصحي الموجه إلى الشاطئ، وكذلك إغفال التعديات على الكورنيش البحري (كمسبح الجامعة الأميركية وفندق الريفييرا ومطعم بالاس كافيه والحمام العسكري وغيرها)، «وكأن البلدیة سلمت بوجودها كأمر واقع»! كذلك أثارت إغفال البلدية موانئ الصيادين الثلاثة (عين المريسة، جلّ البحر، والمنارة)، وعدم تقديم اقتراحات تطويرية لهذه الموانئ وتعزيز الصلة بينها وبين الكورنيش «لتسهیل وصول الناس إلیها والتفاعل معها، لتكون جزءًا مكملاً للكورنیش، ولیس مفصولاً عنه». وفيما ركّز «الائتلاف» على أن المنطقة المشمولة بالمشروع يُحظر البناء فيها أو تغيير طبيعتها، لفتت «بيروت مديني» إلى أن البلدية أغفلت دراسة الجدوى الاقتصادية التي من شأنها أن تحدّد حاجة المدينة الفعلية لتوسيع الكورنيش (...) «وإن كان لا بد من توسيعه، فالمطلوب مقارنة جدوى هذا الاستثمار بأولويات أخرى، كتحسين المساحات المتردّية الموجودة حالياً وصيانتها».