مع بدء الاستعدادات الميدانية لأشغال إنشاء سد بسري، تكثفت تحركات المعترضين على المشروع. آخر التحركات، أمس، تقديم «الحملة الوطنية للحفاظ على مرج بسري» و«الحركة البيئية اللبنانية» طلباً إلى وزير الثقافة الجديد محمد داوود بـ«تصنيف مرج بسري محميّة أثرية». منسق الحملة رولان نصور عرض لـ«الأخبار» القيمة التاريخية للوادي الواقع بين الشوف وجزين، والذي يضم 58 موقعاً أثرياً من العصور الرومانية الى العثمانية، إلى جانب ما تشير إليه روايات تاريخية من أن السيد المسيح مرّ بالمرج في رحلته الشهيرة من صيدا إلى دمشق. هذه القيمة، وفق نصور، «تستدعي حماية المرج استناداً إلى قانون تنظيم وزارة الثقافة الذي ينص على رصد الممتلكات الثقافية على الأرض وفي الجوف والمياه الإقليمية، والبحث والتنقيب والكشف عنها ووضع اللوائح بها، وإدارة المستودعات الخاصة بها واقتراح مشاريع القوانين والأنظمة والتدابير الخاصة بتملكها وحيازتها والحفاظ عليها وطرق استعمالها واقتراح إدراجها على لائحة الجرد العام للآثار، واقتراح تكوين احياء ومحميات أثرية أو تراثية أو تاريخية (...)».

استناداً الى ذلك، تتوافر الشروط الأثرية والتاريخية الكافية في مرج بسري لتصنيفه محمية أثرية، إذ كشفت مسوحات ميدانية قام بها فريق من الخبراء البولنديين واللبنانيين أعوام 2004 و2005 و2008 عن وجود أكثر من 110 مواقع تاريخية في وادي بسري ـــ الأوّلي. وفي بسري، هناك نحو 60 موقعاً أثرياً «ينتمي معظمها إلى حقبات متعددة تمتد من العهد الفارسي حتى العثماني، فضلاً عن آثار رومانية مهمة، أبرزها معبد بسري الذي تظهر منه فوق الأرض أربعة أعمدة نادرة من الغرانيت، وبجانبه جسر حجري يعود إلى الحقبة الرومانية أو البيزنطية يربط منطقتي جزين والشوف»، كما جاء في طلب التصنيف، علماً بأن المخطط الأثري لمجلس الإنماء والإعمار (المشرف على تنفيذ السد) لا يشمل هذه المواقع، بل ينحصر بكنيسة مار موسى التي تقع في النطاق العقاري لبلدة مزرعة الضهر. ويوضح نصور أن المجلس «ينوي نقل الكنيسة إلى أعلى الجبل المطل على المرج لناحية المزرعة بعد تفكيكها وإعادة تركيبها».
أكثر من 110مواقع في وادي بسري ــ الأوّلي تنتمي إلى حقبات تاريخية متعددة


محاولة «الحملة» و«الحركة» مع الدولة لإنقاذ المرج ليست جديدة. لكن التجارب السابقة مع وزارة الثقافة نفسها لم تكن إيجابية في هذا الإطار. الرئيسة السابقة لبلدية الميدان (قضاء جزين)، نورما عواد، ذكّرت بالطلب الذي قدمته الى المديرية العامة للآثار لحماية المواقع الأثرية في المرج وللتنقيب، مشيرة الى أن هناك «مدينة رومانية كاملة مدفونة في المنطقة». وأوضحت لـ«الأخبار» أن الردّ جاءها بأن «المسح الأثري يتطلب خمس سنوات، فيما مجلس الإنماء والإعمار مستعجل لتنفيذ المشروع للإستفادة من مبلغ مليار و400 مليون دولار حولت من البنك الدولي والبنك الإسلامي لتنفيذ السد». وعندما اقترحت على المديرية رفع الآثار ونقلها إلى عقار تقدمه البلدية لتحويله إلى متحف، «رفضت المديرية الطلب. يبدو أنهم يفضّلون أن تبقى في مكانها... تحت المياه»!
بلدية الميدان تقدمت أيضاً، في آب 2015، بمراجعة أمام مجلس شورى الدولة لإبطال مرسوم إنشاء السد «بسبب الضرر المحدق الذي سيطال سكان القرى المحيطة لوقوعه ضمن فوالق زلزالية غير خامدة، فضلاً عن أهمية سهل بسري الزراعي ومعالمه الأثرية والتراثية». ولكن، «حتى الآن لم نتلق جواباً»، تقول عواد.