عندما نجح ائتلاف أحزاب السلطة في إقصاء النقابي حنا غريب عن رئاسة رابطة أساتذة التعليم الثانوي الرسمي في الدورة الانتخابية للعام 2015، والقبض على قرارها المستقل، بدا أن هناك قراراً متخذاً، عن سابق تصور وتصميم، لإنهاء هذه الرابطة تحديداً، وإلغاء موقعها كعمود فقري في تشكيل هيئة التنسيق النقابية ودورها في رفع سقف الخطاب في مواجهة تكتلات المصالح المالية والعقارية والتجارية المسيطرة على الدولة. والأهم، وأد احتمالات تحوّل هذه الهيئة إلى اتحاد عمالي مستقل يقود الصراع الاجتماعي.لكن «الائتلاف» لم يخض، يومها، انتخابات سهلة. بل أظهرت النتائج وجود قاعدة واسعة من الأساتذة الثانويين تحاول الدفاع عن استقلالية الرابطة النقابية، بدليل حصول اللائحة المنافسة التي ضمت نقابيين مستقلين وحزبيين يساريين، على أكثر من 40% من أصوات المندوبين المقترعين.
في دورة 2017، انتصرت المحاصصة بين الأحزاب، فيما اقترع 34% من الناخبين للخيار الآخر في الرابطة.
هذه الدورة، ربط التيار النقابي المستقل مشاركته في الانتخابات بـ«إلغاء تعديلات مهرّبة للنظام الداخلي»، وكان ينتظر مصير كتاب الطعن بشرعية هذه التعديلات، الذي قدمه القيادي في التيار حسن مظلوم إلى وزير التربية مروان حمادة بلا أي جواب عليه حتى الساعة.
التيار الذي سيعلن موقفه من الانتخابات في مؤتمر صحافي يعقده اليوم لن يوافق، كما أعلن في لقاء سابق، على رابطة تنبثق من تعديلات تخالف نتائجها النظام الداخلي الذي يشترط تأييد 51% من الهيئة العامة للأساتذة، «ولن يشكل غطاءً شرعياً للتزوير ولرابطة مخطوفة». بكلام آخر، ثمة اتجاه لعدم المشاركة في الانتخابات ما لم تتغير هذه الظروف. الحزب الشيوعي اللبناني والجماعة الإسلامية أعلنا في بيان أصدره كل منهما مقاطعة «المسرحية» الانتخابية ورفض مصادرة القرار النقابي المستقل للأساتذة.
لا لائحة منافسة إذاً للائتلاف الحزبي الذي التأم، مساء أول من أمس، والأحزاب لن تحتاج أكثر من 236 مقترعاً من أصل 470 ناخباً (نصاب النصف زائداً واحداً) لتفوز في الانتخابات التي تجري، الأحد المقبل، في ثانوية عمر فروخ الرسمية.
الائتلاف حشد ممثلي حركة أمل وتيار المستقبل والحزب التقدمي الاشتراكي وحزب القوات اللبنانية وحزب الله والتيار الوطني الحر وتيار المردة. وفيما غاب المضمون النقابي لمصلحة المحاصصة الحزبية، سعى كل فريق، في الأيام الأخيرة، إلى حفظ حصته أو زيادتها بما يتناسب مع ما يراه حجمه التمثيلي الطبيعي. فقد عززت حركة أمل حصتها من مقعدين إلى ثلاثة وكذلك حظي حزب القوات بمقعدين بدلاً من واحد بما يوازن مقاعد الحزب التقدمي الاشتراكي، وتراجعت حصة التيار الوطني الحر من 5 مقاعد إلى أربعة، ونال كل من حزب الله وتيار المستقبل 3 مقاعد، إضافة إلى مقعد واحد لتيار المردة.
معلمو الشيوعي والجماعة الاسلامية يقاطعون الانتخابات


وعلمت «الأخبار» أنّ الائتلاف نفسه توافق ضمنياً على ترشيح الرئيس الحالي للرابطة نزيه جباوي لرئاسة ثانية قبل انتخاب أعضاء الهيئة الإدارية، مقابل الاتفاق في انتخابات رابطة أساتذة التعليم المهني، المقرر إجراؤها الأحد في 3 شباط المقبل، على تقاسم ولاية الرئاسة (سنتين) بين تيار المستقبل وحزب الله.
وعشية الانتخابات، رأى قطاع المعلمين في الحزب الشيوعي، في بيان أصدره أمس، أنّ «محاولة السلطة وأحزابها مصادرة كلّ الهيئات والحركات النقابيّة والشعبيّة يسهل عليها إمرار إجراءات مؤتمر سيدر الهادفة إلى إلقاء تبعات نتائج الانهيار الاقتصادي والمالي الذي تسببت به السلطة على أصحاب الدخل المحدود عموماً وعلى القطاع العام بأساتذته وموظفيه ومتقاعديه خصوصاً». ولفت إلى أنّ «انتخابات الرابطة تأتي في ظروف تصعيد الحراك الشعبيّ في الشارع لتشكل محطة من محطات المواجهة مع السلطة السياسية وقواها النقابية التي تجعل هذه الانتخابات مناسبة لإنهاء دور رابطة أساتذة التعليم الثانويّ الرسميّ». ولفت إلى أنّ «قرار إجراء الانتخابات في ظلّ تزوير إرادة الأساتذة ينهي الرابطة القديمة ويُحِلَّ محلّها هيئة غير شرعيّة، ليست سوى أداة لمكاتب حزبية سلطوية مركبة على صورة ومثال كل المؤسسات الرسمية وفق المحاصصة بهدف تعطيل عملها النقابي».
من جهته، أعلن مكتب المعلمين المركزي في الجماعة الإسلامية مقاطعة الانتخابات، رفضاً «لتكريس مبدأ المرجعية الحزبية والمحاصصة الطائفية على حساب العمل النقابي ومصلحة الأستاذ في انتخابات ينبغي أن تكون صوت المعلم وليس صوت حزبه وطائفته». وأكدت الجماعة «أننا سنحرص على أن لا نتركهم يستأثرون بالفروع، وإن غداً لناظره قريب».