لا تاكسي «للعموم» في مطار بيروت الدولي. سيارات الأجرة التي تحمل المسافرين من قاعة الوصول إلى الخارج هي لمن يملكون ثمن الكيلومترات. لا خيار أمام هؤلاء، إن لم يكن أحد في انتظارهم، سوى استقلال «تاكسي المطار»، بـ«شهادة» اللافتة المعلّقة عند «باب» المطار والتي كتبت عليها رئاسته «ممنوع دخول السيارات العمومية غير تاكسي المطار».أخيراً، علت صرخة السائقين العموميين، بعدما بات هؤلاء ينتظرون، خارج حرم المطار، ركاباً لا يأتون. لم تخرج تلك الصرخة للمرة الأولى. سبق أن علت في مناسبات كثيرة منذ عام 2016، عندما منع وزير الأشغال العامة والنقل هؤلاء من تحصيل رزقهم بقرارٍ يحدّد «آلية عمل السيارات العمومية في مجال نقل الركاب في مطار رفيق الحريري الدولي». وأكد فيه «منع دخول سيارات الأجرة العادية (أي غير المسجلة/ التابعة للمطار) لاصطحاب الوافدين». بتفصيل أكثر، يمنع القرار «مرور السيارات العمومية الفارغة أو المحملة بركاب (أكانوا مسافرين أم لا) على الطريق المؤدي إلى قاعة الوصول»، وإن كان بإمكان أصحابها «الدخول بها إلى مواقف السيارات (لإجبارهم على دفع تعرفة المواقف ربما) أو سلوك الطريق المؤدي إلى قاعة المغادرة، وإلا نُظّمت محاضر ضبط بحق جميع السائقين المخالفين».
بالنسبة الى السائقين العموميين، هذا القرار مجحف ويخنق عيشهم. ولكن، ليسوا وحدهم من يعتبر ذلك، فثمة ركّاب كثر يشكون من محدودية السيارات أولاً، ومن غلاء التسعيرة ثانياً. ففي حين يكلّف التاكسي «العادي» من المطار الى مناطق كبرج البراجنة وحارة حريك والغبيري والشياح، مثلاً، أكثر من عشرة آلاف ليرة، يجد الوافدون أنفسهم مجبرين على دفع تسعيرة تلامس الـ 35000 ليرة. وهي، للعلم، ليست التسعيرة التي ينصّ عليها القانون والأنظمة الموضوعة من قبل المطار. فلا التزام هنا، ولكل سائقٍ طريقته في «تزبيط الوضع». وهؤلاء يمارسون نوعاً من الاحتكار، يضاف إليه تلاعبهم بتسعيرة الرحلة، من خلال «رشوة» بعض عناصر الأمن في المطار لتسهيل عملهم.
يجد الوافدون أنفسهم مجبرين على دفع تسعيرة لا ينصّ عليها القانون والأنظمة الموضوعة من قبل المطار


235 هي عدد السيارات المسجلة والمرخصة من إدارة المطار التي تتقاضى مبلغ 200 دولار عن كل «نمرة» عمومية. في الدرجة الأولى، العدد غير كافٍ نسبة الى عدد الطائرات التي تحطّ في المطار. وفي الدرجة الثانية، تعدّ الطريقة التي تحتسب فيها التعرفة غير معقولة ــــ على الأقل بالنسبة إلى الركاب ــــ إذ تبدأ من 6000 ليرة «بأرضها»، ثم يبدأ احتساب الكيلومترات. يبدأ «سعر» الكيلومتر بـ 2750 ليرة لأول 10 كيلومترات. وبين 10 و15 كلم، يحتسب الكيلومتر الواحد بـ 1500 ليرة، وأخيراً من 15 إلى 40 كلم، يصبح سعر الكيلومتر 1200 ليرة. كما يدفع الراكب 6000 ليرة في حال الانتظار لأقل من ساعة في زحمة السير. وترتفع التعرفة من الثامنة مساءً حتى السادسة صباحاً في الأيام الخمسة الأولى من الأسبوع بنسبة 35%، وترتفع بالنسبة نفسها خلال أيام العطل الرسمية والسبت والأحد ليلاً ونهاراً.
وعلى أساس هذا القرار وتعريفاته، فما تعتبره كل من وزارة الأشغال وإدارة المطار بديلاً يغني عن السيارات العمومية العادية، يضرّ بمصالح السائقين العموميين والركاب على حدّ سواء.
رئيس اتحاد النقل البري بسام طليس أشار الى اجتماع سيعقد هذا الأسبوع مع إدارة المطار بهدف تقديم مشروع قرار يفسح المجال أمام السائقين العموميين للعمل داخل حرم المطار، و«يؤمن نقلاً مرضياً لجميع الركاب اللبنانيين والأجانب ضمن قوانين وأنظمة مدروسة وواضحة».
يُذكر أنه خلال عام 1991، صدر عن وزارة الأشغال العامة والنقل قرار قضى بتحديد تعرفة النقل بالـ«تاكسي» (أي السيارات السياحية) من مطار بيروت الدولي الى جميع المناطق اللبنانية، دون التمييز بين سيارة تاكسي وأخرى عمومية عادية. أي أنه كان قراراً عاماً يخص جميع سائقي السيارات العمومية. وقد حددت التعرفة بحسب المنطقة المقصودة، إلا أنها رفعت إلى أكثر من الضعف في وقت لاحق.