يوسف ضاهر*الجامعة اللبنانية هي الأفضل والأنقى في لبنان، ولكن ليس بين جامعات العالم. من هنا ضرورة تطبيق معايير الجودة والالتزام بمقررات التعليم العالي الدولية لتتألق أكثر على الصعيد الدولي. ربما جرت أحاديث في الكواليس تحذر من العواقب على الشهادات إذا لم يتم الالتزام بمعايير الجودة، وهذا ليس عيباً. و من المحتمل كثيرا أن تلتزم الجامعة بهذه المعايير (وهي أساسا ملتزمة حالياً بها في بعض وحداتها). و لننتظر التقارير التي ستصدر في هذا الإطار قبل إصدار الأحكام.
لا أحد يشكك في الجامعة اللبنانية، طلابا وأساتذة مميزين. لكنها جريمة بحق الوطن وطلابه أن يُستَغَلّ هذا الدفاع للتغطية على الارتكابات الإدارية والأكاديمية و المحاصصات الطائفية و الحزبية. وغير صحيح أبداً بأن من ينتقد أداء الجامعة ويصرخ في وجه الفساد فيها ويحذر من عدم الالتزام بمعايير الجودة يريد تحطيمها. بل على العكس تماماً، هو يحذر لتحسين الأداء، وينتقد لعدم تطبيق قوانين التفرغ و السكوت عن مرتكب مدعوم ومحاسبة من لا ظهر له، ويصرخ لإعادة هندسة موازنتها لكي تصرف الأموال في مكانها وبفاعلية. كما يصرخ في وجه الدولة لزيادة موازنتها وحماية صندوق تعاضدها، ولتبقى أداتها النقابية الحصن المنيع للدفاع عنها بتجرد. هو يحلم بمعايير أكاديمية في التفرغ و التوظيف والترقية وجدية البحوث العلمية، وعدم التهاون مع من يحشر اسمه في بحث او يشتريه للترفع. وهو يتألم لوصول المحازبين الطائفيين المبخرين و المرتهنين إلى إداراتها وأقسامها على حساب الأكفياء. ويكافح لتحسين برامجها ومحاسبة الأستاذ الفاشل والمسؤول المهمل والمرتشي والمزور، ويصرخ لكي تحترم الحريات الأكاديمية وخصوصية الأستاذ الجامعي. وهو كان مع شلة من اساتذة كبار في الجامعة في أساس نهضتها وتألقها، ولم يخرق التفرغ يوما ولا طموحات ومصالح شخصية له. هو غير مسرور لرؤية البيت الذي ساهم ببنائه قد بدأ يتساقط سقفه وتتهاوى مداميكه. هذه أمور نعيشها كل يوم رغم المستوى المميز للشهادات ورغم تفوق الطلاب و إبداعات معظم الأساتذة، بالمقارنة مع معظم الجامعات الخاصة التي تبغي الربح وتوزّع شهادات الشوكولا.
قد يكون التكلم عن هذه الحقائق مؤلماً. لكن أن نغض النظر عنها أمر مدمّر ومميت للجامعة وللتعليم العالي في لبنان.

*عضو الهيئة التنفيذية لرابطة الأساتذة المتفرغين
*عضو سابق في مجلس الجامعة عن كلية الهندسة