في سياق «المناورة» التشريعيّة الأولى له في البرلمان الجديد، تقدّم «اللقاء الديموقراطي»، أمس، باقتراح قانون الجنسيّة اللبنانية «من أجل إنصاف المرأة اللبنانية وتكريس حقها بمنح الجنسية لأفراد عائلتها وإحقاق الحق في ملف مكتومي القيد ومن هم قيد الدرس» كما قال نائب بعبدا هادي ابو الحسن مستعرضاً الأسباب الموجبة.الاقتراح يضاف إلى سلسلة اقتراحات وحملات لحظت حق المرأة بمنح الجنسية لأولادها، أبرزها اقتراح قانون قدّمه النائب السابق عماد الحوت بالتنسيق مع «حملة جنسيتي حق لي ولأسرتي» وبقي رهن الدرس في لجان المجلس القديم. كما يأتي بعد جدل أثير على خلفية مرسوم التجنيس الأخير «المريب»، بحسب أبو الحسن. وكان لافتاً تطرّق الاقتراح إلى قضية مكتومي القيد، وهي الفئة التي هدّد بارتفاعها مشروع تعديل قانون الجنسية الذي اقترحه وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل في آذار الماضي، والقاضي بعدم منح اللبناني جنسيته لابنه المولود من امرأة «من دول الجوار».
استند الاقتراح إلى ضرورة تحديث القوانين المتعلّقة بالجنسية والتي يحكمها قرار اتّخذ في ظل الانتداب عام 1925، باعتبار أن «فئة كبيرة من اللبنانيين عانت من الانتداب الفرنسي واضطهاده وتعسّف لجان الاحصاء فتوزّع قسم منهم بين مكتومي قيد أو حملة بطاقات رسمية تثبت أنهم من جنسيّة غير معيّنة». واعتبر أن منح الجنسيّة يجب أن يشمل من «أصبحت جنسيتهم بحكم المجهولة»، بسبب التراخي في درس أوضاع «من صُنّفت جنسياتهم بخانة قيد الدرس منذ 1962 وحتى تاريخه من دون نتيجة حاسمة».
«الأخبار» حصلت على نسخة من الاقتراح الذي يعتبر لبنانياً «كل شخص مولود لأب أو لأم لبنانية، وكل مولود على الأراضي اللبنانية ولم يثبت انّه اكتسب عند الولادة تابعية دولة أجنبية، وكل من يولد على الأراضي اللبنانية من والدين مجهولين أو مجهولي الجنسية أو يحملان جنسية قيد الدرس، وكل ولد غير شرعي تثبت بنوّته وهو قاصر لأب أو لأم لبنانية»، بالإضافة إلى اعتبار «أنّ جنسية أحد الوالدين يوم الولادة لا يوم الحمل هي التي تعتمد لتعيين الجنسية». وفي حين يتركّز الحديث عن منح الأم الجنسية لأولادها لا منحها لزوجها أيضاً، حدّد الاقتراح من يمكن أن يكتسبوا الجنسية لقاء تقدّمهم بطلب وأبرزهم «الأجنبي المتزوج من لبناني/ة بناءً على طلب يقدمه بعد مرور 5 سنوات على تسجيل زواجه في قلم النفوس مع ثبوت الاقامة في لبنان لمدّة 5 سنوات دون انقطاع». ونصّ على الشروط التي قد تمنع استفادة الأجنبي من الجنسية، وأشار الى أن استعادة الجنسية من قبل الأب أو الأم يجعل «الأولاد القصّر لبنانيين حكماً». كما يشمل اكتساب الجنسية مكتومي القيد أو أصحاب الجنسيات قيد الدرس و«كل شخص من رعايا الدولة العثمانية كان مقيماً في لبنان في تاريخ 30/8/1924، وكل مولود في لبنان من أب أو أم مولودين في لبنان أيضاً وكان في الأول من تشرين الثاني من العام 1914 عثماني الجنسية، وكل من جرى قيده في سجلات المقيمين أو المهاجرين بموجب الاحصاءات السابقة لسنة 1932 وأثبت انه مقيم في لبنان بتاريخ 30/8/1924، ومن ولد على الأراضي اللبنانية من والدين يحملان أو من أم أو من أب يحمل أي منهما بطاقة رسمية تثبت انّهم من جنسية قيد الدّرس».
وتطرق إلى استعادة الجنسية من ذوي الأصول «من أم لبنانية أو أب لبناني حتى الدرجة الثالثة»، وهو ما يضع لبنان في حال سار الاقتراح إلى اللجان وأقرّ معدّلاً أو مدمجاً بمصاف الدول التي تمنح الجنسية للمتحدرين منها ليس فقط لجهة الأب بل لجهة الأم. أما المسألة الأبرز التي تنبّه إليها الاقتراح حيال التضارب مع باقي النصوص القانونية، وكانت محطّ جدل لدى التقدّم باقتراحات سابقة، فهي «تمتّع مستعيد الجنسية بجميع حقوق المواطن اللبناني دون الاعتداد بأي استثناء وارد في أي نصوص أخرى».
المنسقة لحملة «جنسيتي حق لي ولأسرتي» كريمة شبّو لفتت إلى أن الحزب التقدّمي الاشتراكي «أبدى سابقاً في لقاءات مع الحملة إيجابيةً، ولم يبيّن عن هواجس حيال المساواة بين الجنسين». وقالت إن لقاءات تنظّمها الحملة مع النواب الجدد لإطلاعهم على مشروع قانونها ودفعهم إلى تبنّيه، «لكننا ندعم وصول أي مشروع قانون عادل يوضع في البحث»، على أمل ألاّ «يرقد» الاقتراح الى جانب ما سبقه في «أدراج» المجلس!
وفي هذا السياق، التقت الحملة أمس عضو لجنة المرأة والطفل النائب أنطوان حبشي ولاحظت «للمرة الأولى إيجابية خالية من الهواجس حيال منح الجنسية من جانب القوات» بحسب شبّو. «الأمر الأخطر» الذي حذّرت منه شبو هو «لجوء جمعيات إلى طلب مستندات ووثائق خاصة من أشخاص، بما فيها إفادة مذهب من مرجعيّة دينية، موهمةً إياهم بأنها تعدّ ملفاتهم لنيل الجنسية منتهكة حقّهم بالخصوصية». فيما حصر اقتراح «اللقاء الديموقراطي» الأمر بيد وزارة الداخلية والبلديات، إلاّ في حال المغتربين عبر وزارة الخارجية. وبينما ينتظر من الحقوقيّين وجمعيات الدفاع عن حقوق الإنسان والمرأة تحديداً إبداء الرأي في الاقتراح، فإنه يبدأ طريقه داخل البرلمان ولجانه