خُتمت، أمس، آخر جلسات المرافعة في قضية «نقابة العاملين في سبينيس في لبنان». وحدّدت المحكمة الجزائية في بيروت برئاسة القاضية رولا صفير، تاريخ العشرين من شهر كانون الأول المُقبل موعداً لإصدار الحكم النهائي. ستّ سنوات مضت على إقدام ثلاثة عمال من موظفي «سبينيس» المصروفين، على رفع دعوى جزائية ضدّ الشركة وضدّ رئيس مجلس إدارتها، «لاشتراكهما في منع هؤلاء من ممارسة حريّاتهم النقابية سنداً للمادة 329 من قانون العقوبات»، وفق ما يرد في نص الدعوى (تنصّ المادة المذكورة على معاقبة كل من يعوّق لبنانياً من ممارسة حقوقه أو واجباته المدنية، سواء بالإكراه المعنوي أو الجسدي أو بأي وسيلة أخرى).
وكان هؤلاء قد بدأوا عام 2012، بالتعاون مع عشرات العمال الآخرين من مختلف فروع الشركة، نشاطهم النقابي المُتمثّل بتأسيس نقابة تكون بمثابة الممثل للعمال لتطالب بحقوقهم عموماً، وحقهم في تطبيق مرسوم زيادة الأجور آنذاك خصوصاً.
حينها، ردّاً على هذا التحرّك النقابي، عمدت الشركة إلى ممارسة ضغوط كبيرة على العمال من أجل دفعهم إلى التراجع، لاجئةً إلى صرف جميع القيادات النقابية من العمل.
40 استقالة حصلت في شهر آب من عام 2012، تحمل نفس النص ونفس التاريخ


بحسب المرافعة التي أدلى بها وكيل الدفاع عن العمال الثلاثة، المحامي نزار صاغية، فقد مارست إدارة الشركة ضغوطات كبيرة على عدد كبير من العمال الذين تجاوبوا مع الأنشطة النقابية. هذه الضغوطات تمثّلت بإرغام العشرات من العمّال على تقديم استقالاتهم.
وأبرز صاغية في هذا الصدد نحو 40 استقالة حصلت في شهر آب من عام 2012، «تحمل نفس النص ونفس التاريخ الذي تلا موعد إعلان تأسيس النقابة بشهر واحد فقط»، إضافة إلى إبرازه مُستندات تُثبت «استدراج نحو 12 قيادياً في الهيئة التأسيسية في النقابة إلى مكاتب كتّاب عدل من أجل الإقرار بتراجعهم عن عملهم النقابي»، فضلاً عن جملة من المُستندات التي تُثبت «ضلوع» الشركة في التسبّب بأذى معنوي للعمّال تمثّل باتخاذ إجراءات تمييزية ضدّ بعضهم وصرف البعض الآخر منهم. اللافت في مرافعة صاغية، هو الإشارة إلى أنّ الخبير المُكلّف من قبل المحكمة نفسها لإجراء التحقيقات اللازمة حول صحّة إدعاءات العمال، لم يتحقّق من مدى توافر عناصر الضغوط المزعومة. كذلك، إنّ المرافعة التي قُدّمت كمذكرة أُرفِقَت بالملف، تضمّنت تثبيت اعتراف صريح من قبل المدير التنفيذي لمجموعة متاجر «سبينيس» في لبنان والمنطقة مايكل رايت، برفضه التعاون مع النقابة التي تأسّست، وذلك خلافاً لاتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 98 التي صدّق عليها لبنان.
في ختام المرافعة، طالب صاغية المحكمة بإعطاء تعويض مبلغ 50 ألف دولار لكلّ مُدّعٍ، إرساءً لمبدأ حماية الحرية النقابية في لبنان، ولإعادة التوازن بين العمال وأصحاب العمل، مُتمنيّاً على رئيسة المحكمة إصدار حكم نموذجي في هذه القضية من أجل إلغاء مبدأ تخيير العمال بين حقوقهم وعملهم.

طالب صاغية بقرار نموذجي يلغي مبدأ تخيير العمال بين حقوقهم وعملهم


من جهته، أكّد وكيل الدفاع عن الشركة المحامي سمير سلامة، أن صرف الموظفين جاء استناداً إلى «السيرة المسلكية» للموظفين، لافتاً إلى أن الأفعال المنسوبة إلى الشركة لا يعاقب عليها قانون العقوبات اللبناني. اللافت هو إشارة محامي الشركة إلى «عدم جواز الاستناد إلى البيانات الصادرة عن المُنظّمات الدولية من أجل إدانة الأشخاص بجرائم جزائية»، مشدداً على عدم صلاحية المحكمة الجزائية للنظر إلى هذا النوع من القضايا، بل هي من اختصاص مجلس العمل التحكيمي، علماً أنّ جميع الدعاوى المتعلقة بالقضية الموضوعة لدى مجلس العمل التحكيمي «مُعلّقة» منذ سنوات.