لم تدم الحياة في برج المر أكثر من شهر واحد. عادت الكآبة إلى المبنى الواقع في منطقة القنطاري في قلب بيروت، والشاهد بطبقاته الأربع والثلاثين على القتل والخطف والتعذيب والقنص إبان الحرب الأهلية. بعد 28 عاماً على انتهاء الحرب، لم يكتب للبرج أي تغيير في معالمه أو وجهة استخدامه، الى أن بادر الفنان جاد الخوري أخيراً إلى إسدال ستائر زاهية على نوافذه المشرعة ما حوّله الى برج يبث الحياة في المدينة التي بدأت تتصالح معه.
(مروان طحطح)

استحصل الخوري على إذن من الجيش اللبناني الذي يشغل الطبقات الأولى من البرج. أنجز ورشته، فصار الهواء المتطاير من نوافذه وكأنه يطّير الألوان فوق العاصمة. لكن «سوليدير» كانت بالمرصاد.
إذ قامت الشركة التي وضعت يدها على وسط بيروت بإزالة الستائر الملونة عن المبنى المهجور من دون سبب واضح. وإن كانت الخطوة غير غريبة عن مسار طويل من تعاطي «سوليدير»، ليس مع وسط بيروت وأصحاب الحقوق فحسب، وإنما مع برج المر نفسه أيضاً. إذ رفضت مقترحات عدة لتطويره ووضعه في الإستخدام العام أو الخاص، من تحويله إلى مركز للخدمات إلى مركز تجاري. المقترح الذي يروق للشركة هو الهدم. ولكن، حتى الهدم لم يبت به بسبب كلفته الباهظة.