لم ينتظر أهالي بلدة المنصوري (قضاء صور) أحداً للدفاع عن حقهم في الوصول إلى الملك البحري العام. الجمعة الفائت، نزلوا إلى شاطئ البلدة وتصدوا لمحاولة ضمه إلى مشروع سياحي خاص متاخم له. أصحاب المشروع، بعدما استكملوا الإنشاءات والمسابح ووصلوا إلى المرحلة الأخيرة لربطه بالبحر، جرفوا نباتات القصب والأعشاب الفاصلة بين الملك الخاص والأملاك البحرية، ووضعوا كميات من الأتربة فوق الصخور والرمال لزرعها بالأعشاب وأشجار الزينة واستخدامها جزءاً من المشروع. علماً أن هذه المساحة تقع ضمن المسبح الشعبي الذي يرتاده أهالي المنصوري ومحيطها. أحد «قادة» التحرك إمام المنصوري الشيخ محمد محسن أوضح لـ«الأخبار» أن الأهالي اندفعوا لمنع ضم الشاطئ العام للمشروع واستعانوا بمهندس مساحة وضع علامات تحدد موقع الملك الخاص والملك العام. وأضاف أن أصحاب المشروع استجابوا «وأوعزوا بإزالة الأتربة يومي السبت والأحد»، واستحداث سور خشبي دائم يفصل بين الموقعين.
اللافت أن أصحاب المشروع «استندوا في خطوتهم إلى موافقة من وزير الأشغال والنقل تسمح لهم بتنظيف الشاطئ المحاذي لملكهم». لكنهم توسعوا باستخدام الموافقة نحو زرع وتشجير المساحة الفاصلة بين ملكهم والبحر. مصدر قانوني أوضح بأنه يحق للوزير منح موافقة استثنائية في هذا الصدد، شرط ألا تكون المساحة المعنية تقع ضمن حيز ممنوع أن تشيد عليه إنشاءات.
دراسة الأثر البيئي التي رفعها المستثمرون لوزارتي البيئة والأشغال العامة ونالوا بموجبها رخصة الإستثمار السياحي عام 2014، نصت على أنهم «يتقيدون باستخدام ملكهم الخاص ولا يتعدون على الملك العام لا من ناحية استحداث إنشاءات أو رمي ردميات أو تغيير معالم الشاطئ والمس بالصخور والرمول». والمخطط الأولي الذي رفع لنيل الترخيص كان طلب بناء غرفة للإستخدام الخاص ضمن البستان الذي جرف واستبدل بالمجمع السياحي! والى التقصير الفاضح لوزارتي البيئة والأشغال في الإشراف على سير تنفيذ المشروع، يسُجّل أيضاً غياب تام للمديرية العامة للآثار، رغم العثور على قطع فسيفساء وفخاريات وصخور وزجاجيات بأحجام وألوان مختلفة في موقع المشروع.
مبدئياً، تمكّن أهالي المنصوري من حماية شاطئهم العام. لكن تبقى الهواجس قائمة من تكرار الخطوة لاحقاً بالإستناد إلى موافقة رسمية تشرعن وضع اليد على الحيز العام كما حصل في مناطق أخرى. حماية الشاطئ من القضم تطال البشر لكنها لا تطال السلاحف التي يشكل هذا الشاطئ من الناقورة الى القليلة موئلاً تاريخياً لها لوضع بيوضها. علماً أن حمى المنصوري الذي أعلنته البلدية بقرار رسمي عام 2008، يقع على بعد عشرات الأمتار من المشروع. المشرفة على الحمى منى خليل خاضت معركة متواصلة منذ أربع سنوات عند بدء المشروع لوقفه من دون جدوى. وهي تستعرض جملة من المخاطر التي سيتسبب بها تصريف المياه المبتذلة الناجمة عنه والأضواء الليلية والموسيقى الصاخبة التي تؤثر سلباً على حركة السلاحف خلال وضع بيوضها. أصحاب المشروع لم يلتزموا بعدم إزعاج السلاحف، لأنه لا يمكن ضبط الحركة داخل حرم المشروع. علماً بأن موسم تكاثر السلاحف يتزامن مع موسم البحر بين شهري أيار وتشرين الأول من كل عام.
ويبقى الخطر الأكبر المحدق بالشاطئ العام وحمى السلاحف (طولها 1400 متر) ما يتردد عن مشروع سياحي جديد في طريقه الى التنفيذ عند تخوم الحمى في عقار خاص كان يتمركز فيه عناصر من الجيش اللبناني حتى وقت قريب. العقار مثل معظم الأملاك الخاصة على الشريط الساحلي الجنوبي، يقفل الطريق نحو البحر على المواطنين.