في وقت تنكّب العديد من لجان الأهل واللجان المالية، في أغلب المدارس الخاصة غير الربحية، درس مشاريع الموازنات وإقرارها، تصدر هذه المدارس تعاميم للأهل مخالفة للقوانين، في محاولة لاستباق القرار وخلق صدمات متتالية لدى اللجان لإخضاعها لأصول اللعبة. المدارس الخاصة غير الربحية تمارس شعار «أنا الآمر»، وتطلق العنان لنفسها لجني أرباح إضافية حتى من دون تطبيق قانون السلسلة. والمخالفات التي سنوردها هنا ليست بفعل الغوغائية المفتعلة بعد إقرار قانون سلسلة الرتب والرواتب، بل نهج تعتمده أغلب المدارس، وتغضّ النظر عنه أجهزة الوزارة رغم وضوح القانون.

تماطل المدارس في دعوة اللجان المالية في لجان الأهل لدرس مشاريع الموازنات التي يجب تسليمها للوزارة في 31/1/2018. بعضها يقدّم الموازنات غير مكتملة ومن دون بيانات صندوق التعويضات الموقعة من المعلمين والمصادق عليها من الصندوق، وبعضها الآخر يقدمها بلا لوائح اسمية للمعلمين أو من دون كل الملحقات اللازمة. وعندما تطلب لجان الأهل بعض القيود والمستندات، تستغرق الإدارة المدرسية 3 أو 4 أيام لتأمين الملفات، فتنتهي في غضون ذلك المهلة المحددة للجنة لدرس الموازنة. في هذه الحالة، اللجان مطالبة بتعليق المهل لحين استكمال الملف وهذا حقها القانوني، إذ لا يمكن درس مشروع موازنة غير مكتمل وأخذ قرار في شأنه. وبالفعل رفض العديد منها إقرار الموازنة كون المدارس لم تستجب كما يجب.
لم توضح الوزارة، العالمة بالأمر، موقفها من تجاوز المهل. فإقرار الموازنة يفترض مهلة قانونية هي 10 أيام لدى اللجنة المالية و15 يوماً لدى لجنة الأهل. ورغم أن هذه المهلة حق للأهالي، تحاول المدارس الضغط بإيهام اللجان بعدم قدرتها تجاوز موعد التسليم وضرورة إقرارها بسرعة.
إلى ذلك، تمنع المدارس اللجان المالية من إخراج مشروع الموازنة خارج المبنى علماً بأن القانون لا يمنع ذلك. فمشروع الموازنة ــــ والموازنة كلها حتى بعد إقرارها ــــ معلومات مباحة يحق لأصحاب الحق الاطلاع عليها وعلى كل القيود والمستندات فيها. وقد أكد هذا الحق القانون 515/96 وقانون حق الوصول إلى المعلومات.
الإشكالية الأكبر لدى المدارس هي مطالبة الأهل بالكشف على إيصالات الضمان الاجتماعي وصندوق التعويضات للمعلمين، خصوصاً لدى المدارس المخالفة. فهذه الإيصالات تُظهر العدد الحقيقي للمعلمين والموظفين المسجلين في الضمان وصندوق التعويضات ومقارنته مع الأعداد المضخّمة الواردة في لوائح المعلمين وفي الموازنة. وقد يصل التضخيم أحياناً إلى ضعف العدد الفعلي للمعلمين والموظفين. كما أن الإيصالات تكشف التأخر في سداد الاشتراكات ما يترتب عليه دفع مخالفات وتسويات. فماذا تفعل المدرسة بحصة صندوق التعويضات عن المعلمين والتي تبلغ 12% من أساس الراتب (6% تُحسم من راتب المعلم و6% تغطيها الموازنة من الأقساط)، ومن يستفيد منها وأين هي؟ لا سيما أن الغالبية العظمى من المدارس لم تسدد بعد اشتراكاتها عن السنة السابقة، وبعضها عن السنوات السابقة. علماً أن هذه الأموال هي بمثابة أمانة على الإدارة المدرسية إيصالها للصناديق ويدفعها الأهل والمعلمون بناءً على القانون ولكنها لم تصل.
غالبية المدارس أبلغت الأهل بقيمة الزيادات قبل عرض مشاريع الموازنات ودرسها وإقرارها وبغض النظر عن دورهم في ذلك. والمخالفة واضحة، إذ لا يجوز للإدارة المدرسية إبلاغ الأهل بدفع زيادة أو القسط الثاني بالإجمال قبل إقرار الموازنة.
كما أن طرح الزيادة كحالة مستقلة ومنفصلة عن الموازنة التي لم تُقرّ بعد هي في حد ذاتها مخالفة كونها لم تُعرض في ملحق للموازنة ولم تحظ موافقة لجان الأهل. فيما اعتبرت المدارس أنّ الزيادات تحصيل حاصل وألحقتها بالقسط الثاني حتى قبل إقرار الموازنة.
خلف هذه المخالفات، يكمن تغاضي وزارة التربية عن إصدار تعميم يلزم المدارس بعدم إقرار زيادات أو إلزام الأهل بالزيادة والقسط الثاني قبل إقرار مشروع الموازنة، مع إعطاء المدارس حق تحديد القسط الثاني كدفعة، على أن لا تتجاوز قيمته القسط الثاني من السنة السابقة لحين إقرار مشروع الموازنة.
على لجان الأهل واللجان المالية توخي الحذر الشديد. فالمدارس المخالفة تتعامل مع الأهالي بشكل فوقي، وتحاول التلاعب بحقوقهم بالترغيب والترهيب أحياناً، وإيهامهم بأنهم عاجزون، وأن الموازنة «ستُقر شئتم أم أبيتم». وهذا غير صحيح إطلاقاً. فحتى التسوية التي قد تقترحها الوزارة، بعد احتدام النزاع بين لجان الأهل والإدارات، هي من صلاحية القضاء لجهة تجميد الأقساط والبت في النزاع وفقاً للقانون الذي يعطي لجان الأهل الحق الأول والأخير في درس الموازنة وإقرارها.

* باحث في التربية والفنون، عضو الحملة الوطنية لدعم لجان الأهل وأولياء الأمور في المدارس الخاصة