تكبّد مصرف لبنان خسائر في أصوله الأجنبية بقيمة 1.08 مليار دولار بين 15 تشرين الثاني و15 كانون الأول 2017. والسبب، كما بات معروفاً، يعود إلى التصعيد السعودي في مطلع تشرين الثاني الماضي والضغوط الخليجية التي مورست على المودعين في المصارف اللبنانية.
وأشارت النشرة نصف الشهرية لميزانية «المركزي» إلى انخفاض الأصول الأجنبية لمصرف لبنان من 64340 مليار ليرة في 15 تشرين الثاني إلى 63000 مليار في 15 كانون الأول، بانخفاض يعادل 1.08 مليار دولار. وكانت الأصول الأجنبية قد بلغت أعلى مستوى لها هذه السنة في أيلول حين سجّلت 65538 ملياراً، ما يعني أن التراجع خلال تشرين الأول وتشرين الثاني حتى منتصف كانون الأول بلغ 2538 مليار ليرة أو ما يعادل 1.68 مليار دولار.

التصعيد السعودي زاد من هشاشة بنية النظام المالي الذي يتغذّى على «هندسات» مصرف لبنان

ويعبّر هذا التراجع في الأصول الأجنبية عن هروب رؤوس أموال من لبنان إثر محاولات السعودية إثارة الهلع وضرب «الثقة» وتخويف المودعين بعد احتجاز الرياض رئيس الحكومة سعد الحريري وإجباره على الاستقالة، ما خلق طلباً على التحويل من الليرة إلى الدولار وسحب قسم من هذه التحويلات إلى الخارج.
التصعيد السعودي ونتائجه السلبية زادت من هشاشة بنية النظام المالي الذي كان يتغذّى خلال السنتين الماضيتين على «هندسات» مصرف لبنان التي منحت المصارف أرباحاً طائلة تفوق 5 مليارات دولار، ولكنها خلقت مشاكل كبيرة في تعقيم السيولة، لينتهي الأمر برفع أسعار الفوائد على الودائع والقروض. وقد وصلت الفوائد على الودائع بالدولار إلى 7% وعلى الودائع بالليرة إلى أكثر من 11%. أما الفوائد على القروض والتسهيلات المصرفية فارتفعت كثيراً وباتت تشكّل عنصراً مخيفاً في النظام المالي، إذ ارتفعت فوائد القروض على الليرة إلى أكثر من 15%، فيما بلغت فوائد القروض على الدولار 10%.
خطورة هذا الأمر تكمن في ما يرتّبه من كلفة على الدين العام، إذ ارتفعت الفوائد على أسعار سندات الـ«يوروبوندز» نقطة مئوية في الأسواق العالمية، ما يعني أنه ليس هناك إمكانية لخفض هذه الفائدة، علماً بأن محفظة الـ«يوروبوندز» تبلغ 25 مليار دولار، أي أن كلفة هذه المحفظة ارتفعت بقيمة 250 مليون دولار، وهي مرشّحة للارتفاع أكثر في الفترة المقبلة ربطاً بالزيادة المرتقبة من الفدرالي الأميركي للفوائد على الدولار الأميركي.
(الأخبار)