«الظروف الدقيقة للبلد» باتت «لازمة» تقفز إلى المشهد العام مع كل تطور سياسي أو أمني لتقتل، بشكل سافر، العمل الطالبي الديموقراطي في الجامعة اللبنانية. فبعدما كانت الأندية والقوى الحزبية تستعد لعودة الانتخابات الطالبية «المغيّبة» عن كليات الجامعة منذ 9 سنوات، إذا بها تفاجأ بتعميم لرئيس الجامعة فؤاد أيوب، أول من أمس، يعلّق كل الأنشطة السياسية والحزبية.في التعليقات المبدئية، أبدى الطلاب حذرهم من تعميم لم يحدد موعداً للتعليق سوى «انتفاء أسبابه»، ومن أن يكون التعليق بمثابة «الإلغاء» في بلد «الظروف الدقيقة الدائمة»، حتى وإن كانت الأسباب مبررة للبعض.

لم يصدر نادي «نبض الشباب» موقفه النهائي من التعميم. إلّا أن تيسير الزعتري، الناشط في النادي، سأل عن أهمية التعميم إذا كان النشاط السياسي معلّقاً أصلاً بمذكرات سابقة، وما هي بالضبط أنواع الأنشطة التي تندرج في إطار التعميم، وهل المعيار هو الجهة الطلابية المنظمة أم النشاط نفسه، أي هل سيُسمح لجهة حزبية مثلاً أن تنظم نشاطاً ثقافياً أو فنياً أو دينياً، ومن يضمن لنا أن لا يتذرع المديرون والعمداء بالتعميم لمنع أي نشاط لا يتناسب مع توجهاتهم مهما كان نوع هذا النشاط؟
إسلام الخطيب، من نادي «راديكال»، تصف التعميم بغير الواضح لجهة ظروفه وأسبابه، مبدية استغرابها أن يصدر فجأة في وقت ليس في الجامعة ما يوحي بحدوث خطر أو خوف. وتسأل: «ما المقصود من النشاط السياسي إذا كانت المساحة المعطاة للطلاب حالياً غير كبيرة وتلعب بصورة خاصة على التناقضات بين الأحزاب السياسية؟».
لا تعرف نانسي خطاب، من نادي «سما»، ما هو الممنوع وما هو المسموح، «فهل سيتوقف مثلاً النشاط الذي كنا ننوي هذا الشهر تنظيمه حول الانتخابات الطالبية؟». تتفهم رفيف سوني، مسؤولة «حملة وضع مش طبيعي»، مخاوف الإدارة المركزية الآنية، شرط أن يبقى التعميم في سياق «حالة الطوارئ» وأن لا يكون فيه تعدٍّ على ممارسة الطلاب لحقهم في إجراء الانتخابات الطالبية، فعندها سيكون لنا موقف آخر».
وإذا كان الهدف هو إضفاء طابع من الهدوء على الأجواء المشحونة في كل البلد، يرحب مسؤول منظمة الشباب التقدمي سلام عبد الصمد بالتعميم، شرط أن لا يصبح أبدياً.

الحذر من تعميم لم يحدد موعداً للتعليق سوى «انتفاء أسبابه»
ويرى حيدر شميساني، المسؤول الطلابي في حزب الله، أن الاحتقان يخفّ إذا كانت هناك انتخابات طلابية، وإن «كنا نحترم قرار رئيس الجامعة لفترة محدودة».
المراهنة على وعي الطلاب أمر جوهري، بالنسبة إلى بلال المير، مسؤول مكتب طلاب الجامعة اللبنانية المركزي في تيار المستقبل. بدا المير مستفزاً من تعميم الرئيس الذي وصفه بـ«التعسفي، لكونه يعالج مشكلة بمشكلة أكبر». يقول: «كنا نتوقع تحديد موعد قريب للانتخابات وإعادة الحياة السياسية الديموقراطية إلى الجامعة، فإذا برئاسة الجامعة تتذرع بالظروف القاهرة لضرب التواصل بين الطلاب الذي يحدث عادة خلال الأنشطة».
إيلي خوري، مسؤول الجامعة اللبنانية في التيار الوطني الحر، بدا متفاجئاً بالتعميم، وخصوصاً على أبواب الانتخابات النيابية «فالجامعة هي المختبر الذي تحدد فيه كل الخيارات». من جهته، يبدي شربل خوري، مسؤول الجامعة اللبنانية في مصلحة طلاب القوات، امتعاضه من قرار لم يأت استجابة لهواجس الطلّاب، «فكلما تقدمنا في السنوات، تراجعنا في تعليم الديموقراطية وممارستها في الجامعة التي نحرص عليها في الفروع الثانية، وإذا كانت ثمة جهة تخطئ فلتدفع هي الثمن».
أما مسؤول طلاب الكتائب أنطوني لبكي، فلم يفاجأ بالتعميم «غير الجديد» على الجامعة اللبنانية، مشيراً إلى أن دفن الرأس في الرمل ليس الطريقة الفضلى للتعاطي مع العمل السياسي الطلابي. لبكي يتحدث عن استنسابية في تطبيق القرارات، فالمنع في السابق كان حكراً على الفروع الثانية فقط.
في المقابل، يركز رئيس الجامعة على الطابع المؤقت للتعميم، وأن الهدف هو التهدئة ليس إلا. وقد علمت «الأخبار» أن الرئيس أبلغ رؤساء المكاتب التربوية الحزبية بالتعميم قبيل إقراره.