غداة يوم واحد من إطلاق وزارة التربية الحوار حول الأقساط المدرسية، فجّر رئيس اللجنة الأسقفية في المدارس الكاثوليكية المطران حنا رحمة قنبلة في وجه المعلمين حين قال «إننا نعتبر سلسلة الرتب والرواتب غير موجودة وإننا لن نطبقها»، داعياً باقي أعضاء اتحاد المؤسسات التربوية الخاصة إلى أخذ هذا الخيار.
رحمة أصر على إعلان هذا الموقف في نهاية كلمته التي ألقاها أمس، خلال افتتاح المؤتمر التربوي السنوي للمدارس الكاثوليكية، رغم تلقيه تمنيات بعدم البوح بهذا الموقف القوي، كما سماه. مع ذلك، خرج من يقول إن خطاب رحمة «المتطرف» لا يعكس حقيقة موقف الأمانة العامة للمدارس الكاثوليكية، وإن السقف هو كلام البطريرك بشارة الراعي الذي طالب، في المؤتمر نفسه، «بدعم الأقساط المدرسية من المال العام من أجل الحد من تنامي هذه الأقساط وضبط زياداتها، بهدف التخفيف عن كاهل الأهل لكي يتمكنوا من اختيار المدرسة لأولادهم بملء حريتهم، ووفقاً لضميرهم». وحمّل الراعي القيّمين على شؤون الدولة المسؤوليات الآتية: مسؤولية إرهاق المواطنين بالأقساط الجديدة التي سترتفع حتماً، كنتيجة للسلسلة، ومسؤولية إرغام أي مدرسة على إقفال أبوابها؛ ومسؤولية زيادة عدد العاطلين من العمل من بين المعلمين والموظفين؛ ومسؤولية حرمان المناطق الجبلية والنائية من مدارس مجانية وغير مجانية، وتهجير أهاليها إلى ضواحي المدن الكبيرة. يعني ذلك أنّ المدارس الكاثوليكية تواصل التسويق لمشروعها بتغطية رواتب المعلمين/ات من خزينة الدولة، أسوة بالتعليم الرسمي، في حين أن وزير التربية مروان حمادة أكد أنّ «هذا الطرح غير قابل للتطبيق لأسباب عدة، أولها ما نعتبره تعدياً على الدستور وعلى حرية التعليم الخاص وخصوصيته، كذلك فإننا غير مرتبطين بمعلمي القطاع الخاص بأي علاقة تعاقدية مماثلة لأساتذة القطاع العام، والدولة غير قادرة على تغطية كل المتعلمين إذا انتسبوا إلى التعليم الرسمي».
إلاّ أنّ كلام رحمة المتعلق بعدم الاعتراف بالسلسلة، عكس في الواقع توجهاً كان قد اتخذ داخل اتحاد المؤسسات بتعليق تطبيق قانون السلسلة على المعلمين في المدارس الخاصة، في انتظار ما سيؤول إليه حوار الوزارة. وقد عبّر عن هذا الموقف أكثر من عضو في الاتحاد.
لم يفصح ممثلو الاتحاد عن هذا الخيار خلال الجلسة الأولى للحوار، أول من أمس، إلا أنهم أوحوا بكسر تعميم وزير التربية مروان حمادة المتعلق بتقاضي الدفعة الأولى من القسط المدرسي بقيمة 30% من أقساط العام الدراسي 2016/2017 ومن دون استيفاء أي زيادة، وذلك استناداً إلى المادة 5 من القانون 515 بتاريخ 6/6/1996، باعتبار أن ذلك سوف يوقعهم في العجز ويؤدي بهم إلى الإفلاس، أو بالحد الأدنى سوف يشكل عبئاً لن يستطيعوا تحمله. لكن مسؤولين في وزارة التربية تدخلوا للرد على هذا الكلام بالقول إنّ حسابات الوزارة تقول إنّ الـ 30% تكفي المدارس أربعة أشهر على الأقل بعد تطبيق السلسلة الجديدة.
لم تخف مصادر في الاتحاد قراءتها للرسالة التي وجهها الوزير قبيل الجلسة، إذ بدا، كما قالت، منحازاً للمعلمين أكثر من إدارات المدارس على قاعدة «هذا هو القانون ونقطة على السطر وتعوا لنتحاور». وتستدرك المصادر: «نتفهم بأن الوزير يقوم بدوره، ونحن أبلغناه أننا لا نزال نتدارس الأمر، وإن أبدينا ارتياحنا لكون مجرد الجلوس على الطاولة هو مكسب، بغض النظر عن النتائج».
وفي الجلسة أيضاً، برز اقتراح تقدمت به الأمانة العامة للمدارس الكاثوليكية بتقسيط السلسلة على 6 سنوات، مؤكدة أن لديها خبراءها الاقتصاديين والتربويين الذين يشرفون على وضع الموازنات المدرسية.
أما رئيس نقابة المعلمين في المدارس الخاصة، رودولف عبود، فقد تمسك بمبدأين: دفع المفعول الرجعي من 1/2/2012 في المدارس التي لم تدفع سلفة على غلاء المعيشة، ورفض فصل التشريع بين القطاعين التعليميين الرسمي والخاص.

طالبت الأمانة العامة للمدارس الكاثوليكية بتقسيط السلسلة على 6 سنوات

وعلى مستوى ممثلي لجان الأهل، ظهر موقفان. الأول، عبّر عنه اتحاد لجان الأهل في المدارس الكاثوليكية في كسروان ــ الفتوح وجبيل، وهو أن الأهل لا يدفعون رواتب الأساتذة ولا ينبغي وضع الطرفين في مواجهة بعضهما البعض، وعلى لجان الأهل في المدارس الخاصة تحمّل مسؤولياتها كاملة وإلزام المدارس المنتمية إليها بإطلاعها على الموازنة المدرسية وفقاً للأصول والمهل الواردة في القانون 515، ودراستها بكل جدية، وعدم الخضوع لأي ضغوط أو تهويل والامتناع عن التوقيع على الموازنة غير القانونية أو على الزيادات غير المحقة.
أما الموقف الثاني، فعكسه اتحاد لجان الأهل في المدارس الكاثوليكية في بيروت الذي رفع السقف وطالب بمساهمة الدولة في دفع فرق الزيادة للمعلمين في المدارس الخاصة. وترى مصادر الاتحاد أنّه لم يتم حتى الآن الاتفاق على معيار واحد لاحتساب الزيادة وأننا «لا نريد أن نكون كبش محرقة وأن يضعونا في مواجهة أصحاب المدارس».
في هذا الوقت، ينتظر الأهالي أن تفتح وزارة التربية خطاً ساخناً لتلقي الشكاوى، وخصوصاً أن البعض تبلغوا فعلاً بزيادة على أقساط أولادهم، ومنهم من تعرضوا لتهديد مباشر بعدم تسجيل أولادهم نتيجة النزاع بين إدارة المدرسة والأهل في العام الماضي. وقد أبلغت إدارة إحدى المدارس الخاصة في بيروت الأهالي بأنّ بيع واستئجار كتب في إحدى المدارس الخاصة للصف الثاني Gr 2 يبلغ 1.51 مليون ليرة، والدفع في المدرسة حصراً، في مخالفة واضحة لتعميم الوزير والقانون.