باع رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري حصّته التي ورث غالبيتها عن والده رفيق الحريري في "البنك العربي". وبحسب الإفصاح المقدّم من رئيس مجلس إدارة البنك صبيح المصري إلى هيئة الأوراق المالية في الاردن، فقد اشترى المصري ومجموعة مستثمرين اردنيين وسعوديين وعرب أسهم شركة "أوجيه ميدل إيست هولدنغ" من رأس مال البنك العربي والبالغة نحو 20%.
"وقد وافقت شركة أوجيه على ذلك، ويجري العمل على إنجاز الترتيبات والإجراءات والمتطلبات اللازمة لإتمام عملية الشراء". وقالت مصادر مطلعة إن قيمة الصفقة بلغت 1.150 مليار دولار، وأن الحريري لن يقبض المبلغ الذي سيخصص في غالبيته لسداد القروض التي حصلت عليها "سعودي أوجيه" وشقيقاتها بضمانة أسهم البنك العربي. وأكدت المصادر لـ "الأخبار" أن المبلغ الذي سيتبقّى للحريري لا يزيد على 80 مليون دولار!
وكانت مجموعة "الاقتصاد والأعمال" كشفت عن إتمام الصفقة مشيرة إلى أنها جاءت بعد تعثّر بيع حصّة الحريري لـ "مجموعة الحكير" السعودية بسبب عقبات غير متوقعة في تمويل العملية، من بينها تراجع بعض المصارف عن التزاماتها بالمساهمة في القرض المشترك.
إتمام الصفقة لمصلحة مجموعة من المستثمرين، أزال الالتباسات المرتبطة بوجود الحريري من ضمن مساهمي المصرف في ضوء الأزمة المالية التي تعانيها شركته "سعودي أوجيه" وشقيقاتها. وكان لافتاً تجزئة حصّة الحريري على عدد من المساهمين ما أتاح للمساهمين الحاليين الحفاظ على مواقعهم ونفوذهم ضمن هيكل الملكية.
ومعلوم أن نيّة البيع لدى الحريري كانت موجودة منذ سنوات، إلا أن الصفقة تعرقلت أكثر من مرّة. فقبل نحو أربع سنوات قطعت المفاوضات مع قطر شوطاً متقدماً قبل الاختلاف على تسعير السهم. يومها عرضت حكومة الدوحة سعراً لحصّة الحريري بقيمة 1.4 مليار دولار، فيما كان حامل الأسهم يطلب ملياري دولار.

1.150 مليار دولار قيمة الصفقة مع مستثمرين اردنيين وسعوديين وعرب
وفي ما بعد، أصيبت كل العروض التي تلت عرض مصرف قطر الوطني بخيبة التسعير، وبرغبات سياسية سعودية متناقضة، بين من يريد زيادة الأعباء على الحريري المتعب مالياً، ومن يريد ضخّ جرعة أوكسيجين في شرايينه. وقد استمرّ هذا المنحى مع مفاوضات "الحريري ــ الحكير"، إلى أن أنجزت الصفقة على أيدي صبيح المصري.
والبنك العربي هو أحد أقدم وأضخم المصارف العربية. تأسس عام 1930 على الاراضي الفلسطينية، وانتقل الى عمان عام 1948 بعد النكبة، وافتتح نحو 600 فرع في جميع أنحاء العالم، كما يمتلك مكاتب في نيويورك. وكان أول مصرف عربي يفتح فرعاً في سويسرا. وخلال العقود الماضية ركز جهوده في مشاريع عدة كمساهمته في المشاريع النفطية التي نشأت في الخليج مطلع السبعينات، كما ساهم في إنشاء سلسلة مؤسسات مصرفية ضمن شراكات مع مؤسسات عربية وغربية. ويمتلك صندوق الضمان الحكومي الأردني التابع للديوان الملكي مباشرة 16% من أسهم البنك العربي، فيما الحصص الباقية، وخصوصاً التي تمثّل السعودية (تملك وزارة المال السعودية 5% من الأسهم) وقطر، فليست وازنة، لكنها «سيادية»، أي أنها وازنة سياسياً.
وقد وصل المصري إلى رئاسة مجلس إدارة البنك بعد استقالة عبد الحميد شومان، وريث مؤسس امبراطورية البنك العربي إثر صراع طويل مع آل الحريري. ففي نيسان 2012 قدّم عبد الحميد وابنته دينا استقالتهما من مجلس إدارة البنك، وعيّن المصري بقرار مذيّل بتوقيع تركيبة أردنية ــ سعودية ــ قطرية ضمت كلاً من: نازك الحريري، محمد أحمد الحريري، وهبة عبد الله تماري، خالد زند، رياض برهان كمال، صالح بن سعد المهنا، ابراهيم يوسف عزّ الدين.
واللافت أن مؤسسة عبد الحميد شومان دأبت خلال عام 2016 على شراء أسهم البنك العربي المتوافرة في الأسواق ما أوحى بأنها تسعى الى استعادة حصّة وازنة في المصرف تؤهّلها لتعود لاعباً أساسياً فيه، ولا سيما أن سعر السهم يعدّ متدنياً اليوم، أي أن الاستثمار فيه يحمل جدوى مالية وسياسية أيضاً. إلا أنه ليس واضحاً بعد حجم الحصّة التي تملكها المؤسسة حتى الآن مع تصريحها عن عشرات عمليات شراء الأسهم من السوق.