انحباس الأمطار لنحو شهرين أقلق المزارعين. التأخر أجّل بصورة خاصة زراعة بعض المحاصيل البعلية مثل القمح والشعير والبازيلاء، «ونشّف الحب» على شجرة الزيتون في الأماكن التي لم تقطف باكراً. كما تأثرت الأشجار الدائمة النمو مثل الحمضيات التي تحتاج إلى الأمطار لإنضاج ثمارها وأخذ لونها الطبيعي، والمزروعات المروية مع انخفاض منسوب المياه الجوفية.
لكن موسم الشتاء لا يزال في بدايته، وهناك فسحة من الوقت، و«لم نصل بعد إلى مرحلة الخطر»، بحسب ما يطمئن المدير العام لمصلحة الأبحاث الزراعية ميشال افرام. الأخير يستبعد إمكان الحكم على موسم الزراعات البعلية قبل آذار، و«ما نستطيع أن نقوله إنّ الشتوة منيحة بتوقيتها وإن طال انتظارها، ولا سيما أنها ستمتد على يومين وستكون نسبة المتساقطات المتراكمة مقبولة كبداية (40 ملم في المناطق الجبلية و60 ملم في المناطق الساحلية)».

الحاجة إلى شتوات متواصلة لإنقاذ موسم المزروعات البعلية

لكنه يستدرك: «هذا لا يعني أن الإنتاج الزراعي بات ممتازاً لأننا نحتاج إلى شتوات كثيرة كهذه، والمؤشرات بما يخص التغير المناخي لا تبشر بالخير»، مشيراً إلى «أننا أعطينا المزارعين إرشادات ليبذروا القمح في اليومين الماضيين. فلننتظر ونر».
رئيس منطقة الجنوب في جمعية المزارعين اللبنانيين رامز عسيران يبدو مقتنعاً بأنه لا يمكن المباشرة بالمزروعات البعلية قبل تكوّن منسوب عال من المياه يراوح بين 150 و250 ملم. ويبدي خشيته من خسارة الموسم «إذا ما صارت هناك شتوات متواصلة في الأيام العشرة المقبلة». ويلفت إلى أن «الأمطار المنتظرة ليست عامة في كل المناطق كما تعودنا في هذا الوقت من السنة».
قبل أسبوع، أتى الصقيع (الجليد)، الذي ضرب منطقتي البقاع وعكار، على العديد من المزروعات، ولا سيما في الخيم البلاستيكية و«لطش» حتى الملفوف، وهذه كوارث طبيعية متوقعة سنوياً، بحسب رئيس جمعية المزارعين اللبنانيين أنطوان الحويك. لكن ما هو غير منتظر هو أن لا يعوّض المزارعون عن الأضرار الخارجة عن إرادتهم.
آخر تعويض رسمي عن الكوارث الناتجة من العواصف أو الجفاف كان في عام 2004. بعد ذلك، لم يدخل إلى جيوب المزارعين قرش واحد. فنتائج الكشف الجدي الذي أجرته الهيئة العليا للإغاثة على أثر «الثلجة» في عام 2008 ذهبت هباءً بعد الأحداث الأمنية في 7 أيار، وفق الحويك الذي ذكّر بسحب المشروع من الجلسة التشريعية للمجلس النيابي بحجة عدم تدبير المال اللازم، «ومن وقتها لهلق طار التعويض، إلا إذا كان رئيس الهيئة العليا للإغاثة من منطقة معينة فيعوض على أبناء منطقته فحسب».
أما المؤسسة العامة للضمان الزراعي من الكوارث فكان مصيرها أيضاً السبات في أدراج اللجان النيابية بعد إقرار المشروع في لجنتي الزراعة والإدارة والعدل عام 2005. والسبب بحسب الحويك، التخلي عن الزراعة كقطاع منتج يحافظ على نمط اجتماعي معين، وأن مثل هذه المؤسسة ليست حصة لأحد من السياسيين. من شأن هذه المؤسسة أن تسنح للمزارع أن يؤمن أرضه ومعداته لقاء رسم اشتراك رمزي، وعند حدوث أي مشكلة يأتي خبير ليعاين الأضرار ويقرر التعويض في مجلس الوزراء، ما يسمح بأن لا يبقى المزارع تحت رحمة الزعيم.