strong>أصدرت الهيئة السورية لشؤون الأسرة تقريراً أمس، يشير إلى أن معدلات النمو السكاني وإنجاب الأطفال بدأت تشهد تراجعاً في السنوات الماضية، بعد نمو كبير لم يرافقه تحسن مماثل في الأداء الاقتصادي

ذكر تقرير الهيئة السورية لشؤون الأسرة أن معدل الخصوبة العام للمرأة السورية تراجع من 4 مواليد لكل امرأة في 2000 إلى 3.6 مواليد في 2005. وشهد معدل الخصوبة الزوجية، بحسب الإحصاءات الاخيرة، تراجعاً من 11 مولودا لكل امرأة متزوجة في 1978 الى 6.8 مواليد في 2002. ورأى نائب مدير الهيئة وائل زكار أن «هذا التقرير هو الأول من نوعه في سوريا الذي يحدد أهم المؤشرات ويتعامل مع المستويات الأساسية في المجتمع، ليساعد في التخطيط بشكل علمي والتحرك في التنمية الاجتماعية والاقتصادية للفترة المقبلة».
وأضاف التقرير أن «هذا انعكس على معدلات النمو السكاني المسجلة في نهاية 2004 والتي تراجعت الى 2.58 في المئة. في حين كان المعدل في نهاية 1994، 3.29 في المئة.
وأشار الى ارتفاع معدلات العزوبية من 33 في المئة في 1970 إلى 43 في المئة في 2003 للأفراد (15 سنة وأكثر) بفضل ارتفاع أسعار المساكن وزيادة معدلات البطالة.
وكشفت الهيئة أن من الوسائل التي استخدمتها للتوعية، إقامة حفلات مشتركة مع المغني الشعبي السوري علي الديك الذي قام بجولة في المحافظات السورية، حضرها أكثر من 200 ألف شخص، وعرض خلالها مشاهد سينمائية تنتقد الزيادة السكانية. كما أدى الديك أغاني تدعو إلى تنظيم النسل. وقال زكار «لمسنا زيادة في الوعي، وخصوصاً في الأرياف، إثر برامج التنمية الريفية والاجتماعية التي انطلقت في سوريا في الفترة الأخيرة. ونحن بصدد عملية تغيير اجتماعي وثقافي كبيرين في خطتنا القادمة».
وتصل نسبة من هم في سن الإنجاب في سوريا إلى 50 في المئة من تعداد السكان، ما يعتبر التحدي الأكبر لخفض معدلات النمو السكاني. ومع أن معدلات الأمية قد تراجعت من 60 في المئة للمواطنين ما دون 10 سنوات في 1960 الى 19.4 في المئة في 2003، كما تراجع معدل الوفيات من 20 في الألف في 1960 إلى 5 في الألف في 2002، فإن سوريا لا تزال تواجه العديد من التحديات. وقال التقرير، الذي نشر ليساعد على تنفيذ الخطة التنموية الخمسية، إن سوريا «تواجه مشكلات اقتصادية أساسية تتعلق بالقوى العاملة الجديدة التي تدخل الى سوق العمل سنوياً، والتي تقدر بنحو 250 ألف عامل، بالإضافة إلى انخفاض احتياطات النفط التي تعدّ أهم موارد ميزانيات الدولة». وأشار الى أن سوريا «معرضة لتضاؤل الموارد المائية إذا لم تتدارك النقص المحتمل في المياه من خلال زيادة استخدام موارد المياه غير التقليدية كرواجع الصرف الصحي والصرف الزراعي».
وكان عدد سكان سوريا قد تضاعف أربع مرات في ربع القرن الماضي، حيث بلغ عدد السكان في 1980 نحو 4 ملايين و565 ألف نسمة، بينما وصل بحسب الإحصاءات الى 17 مليوناً و793 ألف نسمة في 2004.
ونتج عن هذا الانفجار السكاني ظواهر اجتماعية خطيرة، منها أطفال الشوارع والبطالة والتسول، الى جانب عدد من الأمراض الاجتماعية. وهو ما تحاول الدولة تلافيه عبر إيلاء اهتمام أكبر بالقضايا السكانية.
وتسلمت الهيئة منذ أشهر قليلة إدارة ملف السكان في سوريا، لتصبح رئيسة لجنة الشؤون السكانية، والتي تشارك فيها الوزارات كافة. وتعدّ المسؤولة الأساسية عن وضع استراتيجيات السكان في سوريا.
وقال زكار، الذي يشغل أيضاً منصب مدير السياسات والاستراتيجيات في الهيئة، «نحن في صدد البدء بالخطوة الأولية للحل عبر معالجة خصوصية المدن والمحافظات، ما سيساعدنا في خلق برامج تفصيلية فاعلة في إدارة الملف السكاني».
ويعدّ خلق توازن في التوزيع السكاني من أهم متطلبات التنمية الاجتماعية في سوريا، حيث يعيش 44 في المئة من السوريين في ثلاث محافظات من أصل 14 محافظة.
وتتركز الكثافة السكانية في دمشق وريف دمشق وحلب. وتحتاج دمشق، التي تحتل المركز الأخير في معدلات النمو السكاني بين المدن السورية، إلى 40 عاماً لتتضاعف سكانياً. بينما ستتضاعف الغالبية من بقية المحافظات في الأعوام العشرين القادمة، بحسب التقرير، الذي توقع أن يصل عدد سكان سوريا الى 27.6 مليون نسمة في 2025، على الرغم من أن معدل النمو السكاني يفترض أن يتراجع الى 1.67 في المئة.
(رويترز)