في 16 كانون الأول 2015، وافق الكونغرس الأميركي على قانون مُقدم من قِبل رئيس لجنة العلاقات الخارجية في الكونغرس إدوارد رويس (Edward Royce)، يهدف بشكل رئيسي إلى منع حزب الله ووكلائه وأتباعه من استخدام المصارف والمؤسسات المالية حول العالم للحصول على تمويل أو القيام بأي نشاط مالي.
ما انفكت الإدارة الأميركية تحاول باستمرار تضييق الخناق على حزب الله وعزله عن النظام المصرفي العالمي عبر قوانين وإجراءات متعددة خلال الأعوام الأخيرة. إلا أن هذا القانون يحتوي على العديد من النقاط والإجراءات التي لم تكن موجودة في القوانين السابقة.
يُمكن تلخيص أهم بنود هذا القانون كما يأتي:
خلال مهل زمنية تراوح بين ثلاثة وستة أشهر من تاريخ نشر هذا القانون، على الرئيس الأميركي أن يُعدّ ويقدم إلى اللجان المختصة في الكونغرس ما يأتي:
• تقرير عن كل شركات البث والستالايت والإنترنت التي تتعاقد مع "قناة المنار" أو تقدم لها خدمات بث وتواصل، تمهيداً لوضع هذه الشركات على لائحة المقاطعة الأميركية المُعدة من قِبل مكتب مراقبة الأصول الخارجية في وزارة الخزانة الأميركية (OFAC)، بتهمة دعم نشاطات إرهابية وتمويلها.
يشكل هذا القرار مزيداً من الضغط على المصارف والمؤسسات المالية اللبنانية والإقليمية

• إجراءات لمنع المصارف الأميركية من فتح أو الإبقاء على أي حساب وسيط (Correspondent Account) لإتمام معاملات أي مصرف أجنبي يُحدد بأنه متورط بتبييض أموال لحساب حزب الله أو القيام بأي تحويلات مالية أو تقديم أي خدمات مصرفية تساعد حزب الله على الوصول إلى النظام العالمي المالي. كذلك تشمل هذه الإجراءات المصارف التي تتعامل مع الأشخاص والمؤسسات الواردة أسماؤهم على لائحة الـ (OFAC) بتهمة علاقتهم بحزب الله .
• لائحة بأسماء الدول التي تقدم دعماً مالياً لحزب الله والدول التي يوجد للحزب فيها شبكات للخدمات اللوجستية. حيث سيصار إلى سؤال حكومات هذه الدول عن الإجراءات المتخذة من قبلها لوقف هذه النشاطات أو منعها.
• تقرير يشمل الطرق المعتمدة من قبل حزب الله للحصول على تمويل والقيام بحوالات مصرفية، سواء أكان ذلك من طريق استخدام النشاطات التجارية أو مراكز الصيرفة أو مناطق التجارة الحرة.
• تقرير عن نشاطات حزب الله المتعلقة بـ "تجارة المخدرات" و"النشاطات الإجرامية" الأخرى، ومن ضمنها "الإتجار بالبشر"، تمهيداً لاتخاذ الإجراءات اللازمة من قِبل الإدارة الأميركية لتصنيف حزب الله كجهة أجنبية تقوم بفعل تجارة المخدرات على المستوى الدولي.
• تقرير عن الخطوات المُتخذة من خلال برنامج الخارجية الأميركية المتعلق بإعطاء "مكافآت" مالية لكل من يقوم بتقديم معلومات تتعلق بمصادر وطرق تمويل حزب الله، على أن تُقدم الخارجية الأميركية هذا التقرير بشكل دوري سنوي. مع العلم أن المكافأة المرصودة قد تصل إلى 25 مليون دولار.
• يجب على الخزينة الأميركية إعداد تقرير كل ستة أشهر عن البنوك المركزية التي تُقدم تسهيلات أو خدمات مالية ومصرفية لحزب الله.
أخيراً يُطبق على الأشخاص الذين يخالفون، يحاولون مخالفة، يتآمرون على مخالفة، أو يسهلون مخالفة هذا القانون الأحكام الواردة في قانون العقوبات الأميركي.

تداعيات وخطورة هذا القانون
أهم ما يميز هذا القانون أنه فيما كانت القوانين والقرارات الأميركية السابقة المتعلقة بحزب الله تُلزم الأفراد والمؤسسات الأميركية بشكل عام، فإن هذا القانون يُطبق على الأفراد والمؤسسات غير الخاضعة لسلطة الولايات المتحدة الأميركية.
كذلك نص هذا القانون على تسخير كل إمكانات الولايات المتحدة الأميركية الدبلوماسية والقانونية والتنفيذية لضمان تطبيق بنوده.
أما أهم تداعيات هذا القانون فهي كما يأتي:
أولاً: ليس من المُتوقع (باستثناء التأثير السلبي على عمل قناة المنار) أن يترك هذا القانون أثراً كبيراً في حزب الله، وخاصةً لجهة علاقته بالمصارف اللبنانية. إذ إنها أساساً لا تقدم أي خدمات أو معاملات مصرفية لحزب الله أو المؤسسات التابعة له. كذلك فإنها لا تتعامل مع الأشخاص والمؤسسات الواردة أسماؤهم على لائحة الـ (OFAC) بالرغم من أن هذه اللائحة كانت حتى ما قبل صدور هذا القانون غير مُلزمة لها. أضف إلى ذلك أن بعض المصارف اللبنانية ترفض التعامل مع أفراد ومؤسسات تنتمي إلى "البيئة الحاضنة" لحزب الله، مع العلم بأن هذه المؤسسات والأفراد غير خاضعة لأي عقوبات أميركية. وهنا لا بد من الإشارة إلى "التطمينات" التي تقدمها مُعظم المصارف اللبنانية للإدارة الأميركية حول حرصها على تطبيق ما يصدر من قرارات أميركية بهذا الشأن، سواء كان ذلك من طريق المسؤولين الأميركيين الذين يزورون لبنان، أو حتى من خلال التأكيد للسفير الأميركي في لبنان مدى التزام هذه المصارف تطبيق ما يُطلب منها أميركياً.
ثانياً: من دون شك، سوف يشكل هذا القرار مزيداً من الضغط على المصارف والمؤسسات المالية اللبنانية والإقليمية، بحيث قد تلجأ إلى رفض التعاون مع أفراد ومؤسسات معينة فقط لقربها من حزب الله، أو حتى لعدم معارضتها له. كذلك من شأن هذا القانون أن يشجع بعض هذه المصارف على تقديم معلومات للإدارة الأميركية حول حسابات أشخاص ومؤسسات معينة (أغلب الظن أن هذا الأمر حاصل أصلاً).
ثالثاً: يطلب هذا القانون تحديد الدول التي تؤمن وجوداً لوجستياً لحزب الله، وهنا نتكلم عن مزيد من الضغط على الدولة اللبنانية.
رابعاً: بينما تجري حلحلة موضوع العقوبات على إيران بسبب برنامجها النووي، يُتوقع لهذا القرار أن يخلق مشكلة جديدة لإيران والمصارف الإيرانية لجهة تطبيق هذا القانون.
خامساً: يُشكل هذا القانون أداة ابتزاز جديدة للإدارة الأميركية بحيث يُمكّنها من استعمال سياسة العصا والجزرة مع مصارف ومؤسسات وأفراد للحصول على معلومات إضافية عن حزب الله أو غير حزب الله.
سادساً: المزيد من الضغط على مصرف لبنان لضمان عدم السماح للمصارف والمؤسسات المالية اللبنانية بتقديم أي تسهيلات أو تعاملات مع حزب الله.

من هو عراب هذا القانون؟
إدوارد روويس من مواليد عام 1951 وعضو عن الجمهوريين في الكونغرس الأميركي عن ولاية كاليفورنيا منذ سنة 1993، وهو رئيس لجنة العلاقات الخارجية في الكونغرس منذ سنة 2013.
عُرف روويس بمعارضته الشديدة للاتفاق الإيراني الأميركي النووي، وكان من الداعين إلى تشديد الحصار على إيران، وهو من أشد الداعمين لإسرائيل، حيث كان وراء إصدارالكونغرس لقرار في سنة 2015 يدعو إلى مساندتها في محاربة محاولات المقاطعة التي قد تتعرض لها من قِبل بعض الدول العربية والإسلامية أو محاولات مقاطعة الشركات التجارية التي تقدم الدعم لإسرائيل. كذلك لعب دوراً أساسياً في إقرار قانون محاسبة سوريا سنة 2003.


* خبير في الشؤون المالية الأميركية