strong>تتشدد الجمارك السورية منذ فترة في منع تهريب المازوت إلى الدول المجاورة، وبينها لبنان، لأن كلفة دعم هذه المادة ستبلغ بحسب رئيس مجلس الوزراء محمد ناجي عطري 1200 مليار ليرة سورية يومياً، علماً بأن 1.5 مليار ليتر سنوياً من المازوت تهرّب سنوياً إلى الجوار
محمد وهبة
تراجعت كميات المازوت المهرّبة من سوريا إلى لبنان في الفترة الأخيرة نتيجة التشدد في تطبيق الإجراءات التي اتخذتها السلطات السورية للحدّ من تهريب المازوت السوري المدعوم باتجاهات عدة، منها لبنان والأردن وتركيا والعراق، علماً بأن حصة لبنان من الكميات المهرّبة من سوريا هي الأقل بين هذه الدول، فيما حصة تركيا هي الأكبر.
ويأتي هذا التشدد في تطبيق الإجراءات والتدابير المتخذة منذ 3 أشهر، بعد توقعات تشير إلى استمرار ارتفاع أسعار المازوت إلى أكثر من 1000 دولار للطن، ما يؤدي إلى ارتفاع كلفة دعم المازوت في سوريا، إذ تشتري سوريا المازوت حالياً بـ950 دولاراً للطن وتبيعه في السوق المحلية بـ180 دولاراً، ويبلغ سعر الصفيحة في سوريا ما يساوي 4300 ليرة لبنانية، وسعر الصفيحة في الأردن أغلى بألف ليرة مما هو في لبنان، وفي تركيا يساوي 10 أضعاف السعر السوري على الأقل.
كلفة دعم مخيفة
وقالت مصادر سورية مطّلعة لـ«الأخبار» إن استهلاك سوريا من المازوت يبلغ 10 مليارات ليتر سنوياً، وأشار رئيس مجلس الوزراء السوري محمد ناجي عطري، أول من أمس، إلى أن سوريا تستورد 55 في المئة من المشتقات النفطية لتغطية استهلاكها، وقد تجاوز سعر ليتر المازوت في سوريا 50 ليرة سورية (0.98 دولار) وهذا ما يضاعف الأعباء التي تتحملها الدولة من دعم المازوت إلى 1200 مليار ليرة سورية يومياً، أي 400 مليار ليرة سورية سنوياً، «ما يتطلب منا قراراً وطنياً لمعالجة هذا الموضوع». ‏
وحددت الحكومة السورية سعر ليتر المازوت للعموم بنحو 7.40 ليرات سورية (230 ليرة لبنانية)، وبحسب الأرقام الرسمية الصادرة في موازنة عام 2008 تبلغ كلفة الدعم في هذه السنة 350 مليار ليرة سورية، أي ما يساوي 7.2 مليارات دولار أميركي.
التهريب
وأوضحت المصادر أن نحو 1.5 مليار ليتر من المازوت تهرّب إلى الدول المجاورة، وهذا الأمر يكلف سوريا ملياراً و250 مليون دولار سنوياً، وهو رقم يراه السوريون مخيفاً. لذلك لا تجد سوريا حرَجاً من التشدد في مكافحة تهريب المازوت إلى لبنان والبلدان المجاورة، بصرف النظر عن العلاقات السياسية المتشنجة مع لبنان تحديداً.
وقد أدى هذا التشدد في تطبيق الإجراءات السورية التي تهدف إلى الحفاظ على المازوت المدعوم للاستهلاك المحلي في سوريا، إلى «التباس» مع شاحنات الترانزيت المبرّدة العائدة إلى لبنان، فقد أوقفتها الجمارك السورية في جديدة يابوس ومنعتها من عبور الحدود وفرضت عليها غرامة، ناتجة من فارق أسعار المازوت في سوريا ولبنان، معروفة باسم «ضريبة المازوت». علماً بأن شاحنات الترانزيت التي تمر في الأراضي السورية والتي «تُرصرص» خزانات المازوت الخاصة (ختم الخزانات خلال العبور في سوريا) غير مفروض عليها هذه الضريبة، لكن الجمارك أصرّت على تغريم الشاحنات بها، ما استدعى اتصالات بين رئيس نقابة الشاحنات المبردة موسى أبو عجوي مع رئيس المجلس الأعلى اللبناني ــ السوري نصري الخوري، وتبين أن الأمر ناتج من «فهم خاطئ» لأمر التشدد هو لمكافحة تهريب المازوت وليس لفرض الضريبة، وتم حلّ «الالتباس عند الواحدة من بعد ظهر أمس وعَبَرت شاحنات التبريد، التي ختمت خزاناتها، إلى لبنان من دون أن تدفع الضريبة» بحسب ما قال أبو عجوي لـ«الأخبار» مشيراً إلى أنه جرى تنفيذ التدبير المتخذ بحق الشاحنات التي اعتادت أن تملأ خزاناتها من سوريا.
غرامة الآليات
وبحسب التدابير السورية لمكافحة تهريب المازوت، تفرض السلطات السورية غرامة تبلغ قيمتها 42 ألف ليرة سورية على كل شاحنة براد تمر عبر سوريا ولم تختم خزانات الوقود لديها، أي ما يساوي 875 دولاراً أميركياً، و17 ألف ليرة سورية (355 دولاراً أميركياً) على كل باص، و23 ألف ليرة سورية (480 دولاراً أميركياً) على كل تريلّا.
وأوضح أبو عجوي أن القرار السوري يسري على كل الشاحنات العابرة للأراضي السورية (لبنانية، أردنية، خليجية، تركية...) بهدف منع تهريب المازوت المدعوم، وأن الشاحنات اللبنانية تقطع في سوريا مسافة تبلغ 150 كيلومتراً ويمكنها أن تملأ الخزانات قبل الدخول، ومن الأردن وأي دولة في الخليج إذا كان هذا اتجاهها.
تسهيل لبناني
ويأتي التشدد السوري بعد تعميم للحكومة اللبنانية على السلطات الأمنية والجمركية يقضي بـ«تسهيل» تهريب المواد الغذائية والمازوت من سوريا إلى لبنان، وهذا الأمر استفزّ سوريا التي تدعم بعض السلع الغذائية ومادة المازوت. ورأت أنه من حق الشعب السوري، فأوعزت إلى الجمارك السورية باتخاذ إجراءات وقائية لمراقبة 85 مركزاً حدودياً على طول الحدود مع لبنان، علماً بأن السلطات السورية صادرت خلال الأشهر الأربعة الأخيرة أكثر من 12 مليون ليتر مازوت كانت موجودة في مناطق عدة مثل ريف دمشق، وقد قيل إنها كانت مخصصة لتخزين المازوت وإعداده للتهريب إلى لبنان.


المصانع تتضرر من منع التهريب
تشير التقديرات إلى أن حاجة السوق اللبنانية من الاستهلاك اليومي لمادة المازوت تبلغ 2.5 مليون ليتر، وهي تتوزع على المصانع بنسبة كبيرة والاستعمال المنزلي بنسبة متدنية وموسمية. لكن نسبة ما بين 40 إلى 60 في المئة من هذه الكمية هي مهرّبة من سوريا بطرق مختلفة. أي إن النسبة الباقية هي الكمية التي يستودرها لبنان رسمياً والتي تستخدم المصانع القسم الأكبر منها، على الرغم من أنها ترغب بالحصول على المازوت المهرّب لأنه أقل كلفة.
غير أن مصادر متابعة لحاجات السوق من المازوت تقول إن التشديد في مكافحة تهريب مادة المازوت من سوريا أدى إلى تراجع الكميات المهرّبة من 40 ــ 60 في المئة إلى 20 ــ 25 في المئة، وسيؤدي هذا الأمر إلى ارتفاع واردات لبنان من هذه المادة بنسب التراجع نفسها. أي إن تراجع حجم تهريب المازوت المدعوم إلى لبنان، سيؤدي إلى حصول انعكاسات سلبية تظهر أولاً في ارتفاع أكلاف المصانع، علماً بأن سعر المازوت المهرّب من سوريا يبلغ 23 ألف ليرة للصفيحة.



2,90 دولار

مبيع صفيحة المازوت في سوريا للعموم أي ما يساوي 148 ليرة سورية. ومع ارتفاع أسعار المشتقات النفطية عالمياً برزت في سوريا أزمة أسعار محروقات، فتم رفع سعر البنزين 120 ليرة سورية إلى 600 ليرة سورية، فيما استقر سعر المازوت في انتظار استنباط آلية دعم تخفف من الخسائر الناتجة من التهريب.

20,63 دولار

هو سعر صفيحة المازوت المحددة في قرار وزير الطاقة والمياه بالوكالة محمد الصفدي الأربعاء الماضي، علماً بأن هذه المادة تخضع لضريبة القيمة المضافة التي بلغت في الفترة الأخيرة 2782 ليرة لبنانية، ومن المتوقع أن يرتفع سعر صفيحة المازوت اليوم حوالى 200 ليرة.