كأن هذه البلاد صُمّمت من "ورق". لا تتحمل ريحاً أو طقساً بارداً أو أمطاراً أو حراً أو موجة جفاف، لا تتحمل أياً من عوامل الطبيعة الاعتيادية أو الاستثنائية. يدب الهلع فوراً. تنقطع الكهرباء وتنقطع الأوصال وتزحل الطرقات ويتشلّخ "درابزين" الكورنيش البحري وتأخذ الأمواج مراكب الصيادين من موانئ غير محمية وتجتاح السيول السهول والبيوت وخيم اللاجئين... أليس هذا تحديداً ما ينطبق عليه وصف "الهشاشة"؟
لم يكن ينقص هذه البلاد لرفع مستوى "الهلع" سوى "هواية" تمارسها مصلحة الأبحاث الزراعية في إطلاق الأسماء على "عواصف" ليست "عواصف" بالمعنى الجدّي للكلمة. "يوهان" آخر هذه الإبداعات التي ظنّها الناس "إعصاراً" أو ما شابه. يعلّق خبراء البيئة والمناخ أن متوسط سرعة الرياح بلغ 40 كيلومتراً في الساعة، وهي سرعة كبيرة، ولكنها لا تستدعي "المبالغة" إطلاقاً، فانهيار طريق ضبية واقتلاع اللوحات الإعلانية... سببه "الفساد" وليس "العاصفة".
الوقائع المحيطة بانهيار طريق ضبية تعزز هذه الفرضية، إذ علمت "الأخبار" أن وزارة الأشغال العامة لزّمت صيانة هذه الطريق في 17 شباط 2012 بقيمة 1.6 مليار ليرة، ولكن عبر استدراج عروض محصور. وهي طريقة لضمان التلزيم إلى مقاولين محددين وفقاً للمحاصصات المعروفة. فساد هذه الطريقة واضح للعيان، إذ بعد 3 سنوات انهارت الطريق وتبيّن أن الصيانة لم تكن بحجم الكلفة.