زراعات حديثة وصلت إلى المناطق الحدودية... ومصيرها لا يزال مبهماً


الوزاني ــ عساف أبورحال
زراعات جديدة أُدخلت أخيراً إلى المنطقة الحدودية الجنوبية الممتدة بين المجيدية شرقاً وسهل مرجعيون غرباً، إذ بدأت أشجار الليمون والأفوكاتو تحتل مساحات من الأراضي تقدّر بمئات الدونمات، وقد أراد المزارعون من هذه الخطوة إحداث قفزة زراعية نوعية عبر استحداث زراعات جديدة قابلة للتسويق في السوق اللبنانية، بعدما أصيبوا بنكسات متتالية في مجالات الزراعات الموسمية، من الحبوب والخضر المختلفة التي تنتجها هذه المنطقة بكميات وفيرة.
وتتواصل النشاطات الزراعية منذ التحرير حتى اليوم في مختلف أنحاء الجنوب، وخصوصاً استصلاح الأراضي، الذي لامس الشريط الحدودي الفاصل مع فلسطين المحتلة، بعض المزارعين ما زال يعتمد زراعة الحبوب من القمح والشعير والذرة، والبعض الآخر اتخذ من زراعة الخُضَر وسيلة عيش، بعدما تحوّلت قطاعاً مربحاً بسبب إدخال وسائل وطرق فنية زراعية، أمّا الزراعات الحديثة من الأشجار المثمرة، فهي تسلك طريقاً ضبابية يخشى معها المزارعون فشل زراعاتهم التي يعلّقون عليها آمالاً كبيرة.
ويوضح المزارع حسين شيت من بلدة كفركلا، الذي يستثمر نحو 400 دونم بالضمان من وقف الروم الكاثوليك، أن منطقة الوزاني شهدت منذ نحو سنتين إدخال زراعات جديدة من الليمون والأفوكاتو، إضافةً إلى المشمش والدرّاق والتفاح، موضحاً أن هذه الخطوة ما زالت قيد التجربة، لكن بوادرها تشير إلى نجاحها بنسب معيّنة، وخصوصاً الزراعات الساحلية منها، ويعود هذا إلى الظروف المناخية وحال الطقس، إذ إن منطقة الوزاني لا يزيد ارتفاعها على 500 متر فوق سطح البحر, وقال شيت إن التجربة الأولى كانت عبارة عن 23 دونماً غُرست بنصوب الليمون والأفوكاتو فنجحت تجربة الليمون بنسبة معيّنة ومحدودة، أما الأفوكاتو، فلم يوفّق حتى الآن بسبب الظروف المناخية، إذ إنّه يحتاج إلى مناخ أكثر دفئاً. وأشار إلى أن زراعة الحبوب المعتمدة منذ زمن في هذه المنطقة أكثر انتشاراً واتساعاً لكون الاهتمام بها أسهل، وكلفة خدمتها أوفر من باقي الزراعات، لأن الأشجار المثمرة بحاجة إلى عناية ومراقبة على مدار السنة، إضافةً إلى رش مبيدات للأعشاب، واستخدام أدوية زراعية كل ثمانية أيام للحفاظ على جودة الثمار ونوعيّتها، أما الأشجار الأخرى، مثل التفاح والدرّاق فتتلاءم زراعتها مع طبيعة المنطقة وظروفها المناخية.
ويقول محمد زعل المحمد (75 عاماً) من قرية الوزاني إنه قبل وضع شريط شائك مع فلسطين المحتلة، كانت الحبوب تُنقل على ظهور الدوابّ إلى قرى وبلدات فلسطينية، وصولاً إلى مدينة حيفا، وتجري مقايضتها بالليمون، حيث التجارة كانت تقوم على مبدأ المقايضة آنذاك، وانتقد المحمد الخيم البلاستيكية وما تحويه من زراعات مختلفة وكيفية التعامل معها، ورأى أنّ هذه الطريقة غير مرضية نسبةً إلى نتائجها الصحية قياساً إلى الطرق القديمة، وشكا من اتساع رقعة المساحات الزراعية الذي أدى إلى ضيق المراعي، حيث لم يعد هناك متسع للمواشي سوى بعض المساحات الضيقة على ضفة نهر الوزاني، وخصوصاً أن أهالي البلدة يعتمدون لتوفير لقمة عيشهم على تربية الأبقار والدواجن.
ويشرح أن منطقة الوزاني التي استقطبت عشرات المستثمرين الزراعيين بعد التحرير، تحولت منطقة زراعية منتجة لمختلف أنواع الخُضَر على مدار السنة، فيما يبقى نجاح الزراعات الحديثة مرهوناً بالعوامل الطبيعية، وتقلّبات الطقس، كعامل أساس لهذه الزراعة، التي قد تجد مكاناً آمناً لها بعيداً عن الساحل.