نجحت حكومة الرئيس تمام سلام في إقرار 100 مليون دولار لمحافظة عكار لصرفها على مشاريع إنمائية للمحافظة الأكثر فقراً في لبنان. الهبة ــ الرشوة التي اقترحها وزير الداخلية نهاد المشنوق تقضي بقبول أهالي عكار نقل نفايات بيروت إلى مكب سرار. وفيما أُسكتت غالبية نواب المنطقة واتحادات البلديات التي تدور في فلكهم، دعت حملة «عكار منا مزبلة» إلى الاعتصام اليوم عند السادسة مساءً في ساحة حلبا، رفضاً لمطمر الموعود.
الدعوة إلى الاعتصام عكست الانقسام بين نواب المنطقة ورؤساء البلديات من جهة، وهيئات المجتمع المدني الرافض لأي خطة تقضي بنقل النفايات إلى عكار من جهة ثانية، بعد فشل إمرار المناقصات الجديدة. هذه الهيئات أطلقت حملة عكار#منا _ مزبلة، التي تطمح بحسب الناشط في الحملة «رؤوف نافع»، إلى السعي لإيجاد رفض واسع من أبناء عكار لأي مشروع يحوّل «منطقتنا بعقاراتها وأبنائها وهوائها إلى صرف صحي للنظام اللبناني المأزوم والمتفس»، وأشار إلى «أن إطلاق الحملة جاء بمبادرة من شباب عكاري بعيد عن الانتماء الطائفي، رفض الخضوع لأي صفقة سياسية تخرج الطبقة الحاكمة من أزمتها، على حساب أهله ومنطقته».
ويشير نافع إلى أنّ «الحملة استطاعت حشد العديد من الشباب العكاريين، وهي في صدد التأسيس لحراك شعبي شبه يومي لرفض قيام هذا المشروع المهين، بدءاً من قرار الحكومة الجائر بتحويل عكار إلى أرض خصبة للأمراض، مروراً بتهديد المياه الجوفية مقابل حفنة من الدولارات التي لم ترَها عكار إلا بالمقايضة على النفايات».
بحسب معلومات «الأخبار»، استطاعت الحكومة، عبر العديد من سماسرة العقارات، توفير عقارين داخل عكار لتحويلهما إلى مكب، أولهما في منطقة وادي حرار القريبة من منطقة برقايل، والثاني هو مكب سرار التابع لخلدون ياسين المرعبي، وهو الأوفر حظاً، نظراً إلى مساحته الضخمة التي تصل إلى 4 ملايين متر مربع، بحسب صاحبه خلدون ياسين الذي أكد لـ»الأخبار» أنه بالرغم من أن اسم سرار بات الأكثر تداولاً، إلا أنّ أحداً لم يتواصل معه، لا من قبل وزارة البيئة، ولا من قبل الحكومة.

استطاعت الحكومة
توفير عقارين داخل عكار لتحويلهما إلى مكب

في المقابل، سربت معلومات خلال الأيام الماضية عن أن عدداً من الشركات المهتمة بنقل النفايات إلى مكب سرار تواصلت مع المرعبي، وعرضت استقبال ما بين 1000 و1500 طن يومياً، وهي كمية قابلة للارتفاع، مقابل 20 دولاراً للطن الواحد، إلا أن المرعبي طالب بـ30 دولاراً للطن الواحد.
وتكشف المعلومات المتداولة داخل أروقة السماسرة عن أن مشروع نقل النفايات إلى عكار قد بات في مراحله النهائية، إلا أن مصادر قريبة من ياسين كشفت عن تعرضه لضغوطات من قبل سياسيين نافذين، للحصول على نسب من الأرباح تراوح بين 1 و 4% عن كل طن يدخل الى المكب.
في المقابل، انخفضت أصوات نواب عكار التي هددت بالويل والثبور إن أُدخلت النفايات إلى عكار، وأطلقوا عدداً من التصريحات بـ»ضرورة المشاركة كباقي المناطق في المصيبة اللاحقة بالعاصمة بيروت»، وإن مشروع المئة مليون دولار الذي أقرته الحكومة في هذا الوقت هو منفصل عن أزمة النفايات.
النائب معين المرعبي أكبر المعترضين على مشروع إدخال النفايات إلى عكار، رفض الحديث في الموضوع تحت مسمى «أنه مشغول»، أما النائب رياض رحال فقد أكد لـ»الأخبار» أنه «في ظل ما تعانيه بيروت من أزمة بيئية تنسحب على السياحة والاقتصاد، يجب علينا أن ننقذ أنفسنا اقتصادياً وبيئياً وصحياً، وبما أنّ لدينا في عكار مكبات لا مطامر، فإننا مستعدون لأن نشارك كعكاريين بإنقاذ لبنان عبر توزيع النفايات ووضعها في هذا المكب، شرط توفير مطامر صحية، وإنشاء معمل لفرز نفايات».
بدورهم دخل عدد من رؤساء البلديات العكارية في اللعبة الحكومية، وبدأو بالبحث عن مشاريع تسمح لهم بالاغتنام من هبة الـ 100 مليون.
رئيس اتحاد بلديات الجومة سجيع عطية، قال لـ»الأخبار» إن الـ 100 مليون ليست مقابل نقل النفايات إلى عكار، بل هي حق من حقوق عكار. وعن إمكانية وضع شرط نقل النفايات إلى عكار مقابل تنفيذ مشاريع، قال عطية إن المنطقة مستعدة لتحمل مسؤوليتها الوطنية بإخراج بيروت من أزمتها، ولكن بالتساوي بين كل المناطق، شرط توفير بنى تحتية ومطامر صحية حديثة، وهو أمر مشكوك فيه، ولكننا لن نقبل بأن تكون عكار وحدها مكباً لكل لبنان».
من جهته قال رئيس بلدية مشحة ونائب رئيس اتحاد بلديات الشفت ــ عكار: «نحن مع حل أزمة النفايات المعضلة من ضمن مشروع وطني شامل وبمشاركة الجميع، وليس على حساب منطقة عكار وحدها»، ورأى أن قمة الاستهزاء والاستهانة بكرامة أهل عكار هي عبر مقايضة حقوقهم بالنفايات، لا بل وإجبارهم على القبول بذلك، وقال إن ما فعلته الحكومة هو عمل جريء.