
(من الفيلم)
في تسعة وأربعين دقيقة، يأخذنا الخوري في رحلة سريعة إلى بيت أوغيت، نراها وهي تتحدث إليه ولكاميرته عن كل شيء، تتذكر تاريخها الفني والشخصي، هي التي كانت رائدة نسوية في فنها ومسارها الشخصي. نشاهدها تحاور نفسها وترينا فنّها وطريقة رؤيتها للفن والرسم، كما تضحكنا على المريول الذي ترتديه وتكتب وترسم عليه ثم تغيّره عندما لا يبقى مكان للكتابة بينما هو في بيروت يروي لنا ولها يومياته في لبنان. هيكل الفيلم واضح ومثير للاهتمام في بعض الأوقات، لكن في الوقت نفسه بدا الخوري كأنّه يسابق نفسه لإنهائه، ما جعل الفيلم يخسر الكثير من مقوماته الأساسية. في الفيلم الكثير من الوسائط المستعملة، بين الصور ومقاطع أوغيت ومشاهد الخوري وصوته الراوي، يضيع الفيلم في عجلة كل شيء. كل مشهد يمر بطريقة سريعة، كل صورة تهدأ لثوان قليلة ثم تأتي أخرى، حتى صوت الخوري وهو يقرأ الكلمات التي كتبها لأوغيت كانت بنبرة سريعة جداً. حتى لو كان هذا مقصوداً، بسبب الكلمات الأخيرة التي قالتها أوغيت عن الوقت والزمن، إلا أن هذا الاستعجال لم يخدم الفيلم. لم يسمح لنا الخوري بهضم ما يحاول قوله أو التعبير عنه من خلال كلماته. فقط نهدأ قليلاً عندنا نرى أوغيت تتحدث، ثم يبدأ الفيلم بالركض مرة أخرى.
نشاهدها تتحدث عن نفسها وفنها وأبيها والموت والحياة والزمن
أخرج فؤاد الخوري العديد من الأفلام القصيرة السابقة، وفي فيلمه الأخير يحاول رسم أوجه الشبه بين حياة أوغيت والأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي عصفت بلبنان عام 2019. ولكنها كانت لتكون ممتازة لو عولجت بطريقة أكثر دقة وبتأنٍّ أكثر. الفيلم شخصي جداً بالنسبة إلى الخوري، فهو يبوح لنا بأفكاره عن الحراك الشعبي والأزمة الاقتصادية وجائحة كورونا، ولكن البوح هذا جاء من دون حميمية بسبب نبرة صوته السريعة وإلقائه الأسرع. كنا نتمنى لو أن الخوري أعطانا وقتاً أطول لنغوص في صوره الجميلة وطريقة تقديمها، لكن الفيلم خسر الكثير لأن كل شيء كان يمشي فوق الآخر، كأن الفيلم وضع في خلّاط، وفي النهاية قُدم كأنّه معجون فوق بعضه من دون أي حدود أو معالم واضحة.