بعد تأجيل عرضه بسبب جائحة «كوفيد» والأزمة المتفاقمة في البلاد، طُرح أخيراً فيلم «ويكند» (2021) اللبناني، ليكون بمثابة «متنفّس» خلال فترة الأعياد. الفيلم كوميدي مع لمسة رومانسية، من كتابة سامي كوجان وإخراجه، وبطولة كارلا بطرس وفؤاد يمّين والمغنّية شيراز في أولى تجاربها التمثيلية، بالإضافة إلى أدوار نزيه يوسف وملاك الحاج وجوزيف زيتوني وأنطوني نجم ودوري السمراني.

يعرّف المنتجون عن عملهم بأنّه «مقتبس عن قصّة حقيقية»، ما يضفي طابعاً واقعياً على الأحداث. فالعمل يصوّر عائلة لبنانية، لكن بغير ما اعتدنا تصويرها. لسنا أمام العائلة اللبنانية «التقليدية» بكامل أفرادها من عمّات وأعمام وأخوال وخالات وجدود وأحفاد وحموات وجدّات. «جَمعة» آخر الأسبوع حول مائدة الطعام ليست مثالية هنا، وليس هناك مشهد المشاوي والدبكة وشرب العرق وكأنّ كلّ شيء على ما يرام، ولا «عادات» غير موجودة غير في طريقة تصوير السينما والمسلسلات للثقافة الجماعية اللبنانية. صحيح أنّ الأفلام اللبنانية في الآونة الأخيرة باتت تحاول الابتعاد عن التصوير المثالي للحياة، وانتهاج لغة «تجميل البشاعة» عبر أسلوب فكاهي ساخر، وكسب مشاعر الجمهور عبر مطابقة الأحداث بواقعه قدر الإمكان، لكنّ «ويكند» اقترب من الواقعية أكثر من غيره بكثير، وتجرّأ على نقل حالة اجتماعية موجودة بكثرة، وفي الوقت نفسه لم يبالغ في العمل الدرامي كما يحصل في المسلسلات، ما أنتج فيلماً «خفيفاً» تجارياً مسلّياً، ولو أنّه ليس من أفضل ما أعطتنا السينما اللبنانية ولا سيّما كوميدياً.
القصّة تذكّرنا بالفيلم الأميركي الشهير «الخرّيج» (1967) الذي يروي قصّة غرام شابّ خرّيج حديثاً بفتاة كان قد أقام علاقة مع والدتها سابقاً. تدور أحداث «ويكند» حول عمَر (فؤاد يمّين) الذي تربطه علاقة بامرأة متزوّجة اسمها سمر (كارلا بطرس) قبل أن ينفصلا، ليتعرّف بعد فترة إلى جوانا (شيراز) ويُغرم بها قبل اكتشافه أنّها ابنة سمر، وهنا تتوالى الفصول الدرامية والكوميدية، وتتكشّف تباعاً خبايا أخرى بين السطور لم تكن في الحسبان. لكنّ المفاجآت لا تبتعد عن المنطق، رغم وجود بعض التقلّبات في سرعة وقوع الأحداث وبعض الفراغات في الحوار كان يمكن تعبئتها بسهولة لتجنّب «الصمت المحرج» في غير مكانه المقصود. أمّا من حيث العامل الكوميدي، فالنكات نادرة بعض الشيء بالنسبة إلى فيلم كوميدي لكنّ توقيتها صائب، ما يرفع من مستواها حتى لو كانت مكرّرة.
يؤدّي الممثّلون أدواراً مقنعة بعيداً عن التصنّع والمبالغة


يؤدّي الممثّلون أدواراً مقنعة بعيداً عن التصنّع والمبالغة. بين فؤاد يمّين وكارلا بطرس كيمياء واضحة أمام الكاميرا. كلاهما يجعل من السهل التعاطف مع شخصيّته، ويضيف يمّين خفّة ظلّ وحسّاً فكاهياً عوّد الجمهور ألّا يظهر من دونهما. أمّا شيراز، فرغم خوضها تجربتها التمثيلية الأولى إلّا أنّها تقدّم أداءً فوق المستوى، ومن الواضح أنّه يمكنها التحسّن أكثر في المستقبل ولعب أدوار مهمّة. الممثّلون الآخرون لا يقلّون شأناً، فأداء نزيه يوسف متقدّم وناضج جداً، وينفرد الممثّل بمونولوغ مثير للإعجاب يشرح فيه سرّ بلدنا الأمّ الذي يجعلنا نختاره رغم كلّ أزماته حتى بعد أن نطوف بلدان العالم. بين ملاك الحاج وجوزيف زيتوني أيضاً كيمياء جيّدة، وشخصيّتاهما مضحكتان.
في المحصّلة، فيلم «ويكند» ليس مملّاً، يمكن لكلّ الأعمار الاستمتاع به، فلا نكون مخطئين إذا وصفناه بالفيلم العائلي الذي يناسب موسم الأعياد.

* weekend في الصالات