«برلين الكسندربلاتز» برهان قرباني اليوم ــ س:19:00 ــ صالة مونتاني (المعهد الفرنسي في بيروت)


تعديل واقتباس جديد لرواية «برلين ألكساندربلاتز» (1929) لألفرد دوبلين، فيتحوّل بطل الرواية من ألماني «خالص» إلى مهاجر أسود البشرة بكاميرا المخرج برهان قرباني. تعتبر الرواية من أهم الروايات العالمية، اقتبست إلى الخشبة إلى ما لا نهاية، وانتقلت إلى الشاشة عام 1931 مع المخرج الألماني فيل جوتذي. لاحقاً، قدّمها المخرج الألماني راينر ڤيرنر ڤاسبندر على شكل مسلسل قصير (15 ساعة ونصف) عام 1980. في عام 2020، أعادها المخرج الألماني من أصول أفغانية برهان قرباني إلى الشاشة الكبيرة مع تغييرات كثيرة. تتحدث الرواية عن فرانز بيركوف، الذي أطلق سراحه من السجن في بداية القصة، ويريد الآن أن يعيش حياة صالحة. في فيلم برهاني، فرانز هو فرانسيس (ويلكيت بونجي) الفارّ من وطنه الأم كينيا، يحاول عبور البحر المتوسط نحو أوروبا. بعد نجاته ووصوله، يقطع وعداً لله بأنه سيصبح شخصاً صالحاً، لكن وضعه كلاجئ بدون أوراق في برلين صعب جداً. قاوم كثيراً إغراءات العمل كبائع مخدرات، لكن العصابات لن تتركه وشأنه. وقع في الحب، وشعر أنه وجد سعادته في النهاية، لكنّ الحياة غير القانونية ذات جاذبية ودافع قوي، فبؤس حياته وعدم مبالاة المجتمع القاسي الذي يحيط به، سيدفعانه إلى قرارات لا يريدها. «برلين ألكساندربلاتز» قصة رجل بسيط يصارع الظروف والمجتمع والتغييرات. رجل في المجتمع الحديث يبحث عن الفداء الذي لن يأتي أبداً. من القصة والرواية، خلق برهاني ملحمة سينمائية (ثلاث ساعات) يتعثر فيها البطل بطريقة مأساوية بين حياة صالحة وإغراء مدينة لا ترحم. الأكثر إثارة للجدل هو ما تبقى من البعد السياسي للشخصية وللرواية مع تغير العصر والعرق أيضاً. صرخ فرانسيس فوق الأسطح «أنا ألماني» وحاول أن يكون كذلك، كما عكس الفيلم الهجرة غير الشرعية وانعدام الأمن الوظيفي والتهميش، والرأسمالية الجديدة. نجح برهاني إلى حد ما في عصرنة الرواية، لكنه في مكان آخر خسر الشخصيات الرئيسية، وقدم فيلماً بمثابة دراسة اجتماعية واقعية وأعطى انطباعاً بأن العديد من الفترات الزمنية قد تكون موجودة في زمن واحد.

«اقتصاد» – كارمن لوسمان
28/9 ـــ س:19:00 ــ دوار الشمس (الطيونة)



إنّ إنشاء وتطوير علاقة القوة والضعف بين الدائنين والمدينين، هو القلب الإستراتيجي للسياسة النيوليبرالية. هذه هي الفكرة الأساسية من فيلم كارمن لوسمان «اقتصاد». تشرح كارمن أننا جميعاً جزء من هيكل مُعطى لنا مقدماً، نشارك فيه بدون أن نسأل عن ماهيته أو بدائله. ببساطة، يشرح «اقتصاد» كيفية عمل الرأسمالية. يغرق الوثائقي في عالم المال، حيث حاولت كارمن أن تثبت تلك العلاقة بين النمو الاقتصادي وتراكم الثروة والديون. ولهذه الغاية، التقت بمجموعة من كبار الاقتصاديين ومستشاري الاستثمار والمسؤولين الماليين، والنتيجة مضحكة مبكية. «من يدفع ثمن كل هذا؟» سؤال بسيط لم يستطع حرّاس النظام الاقتصادي العالمي الإجابة عنه. حتى إنّ كبير الاقتصاديين في البنك المركزي الأوروبي نفسه لا يعرف كيف يشرح الآليات الأساسية للنظام الاقتصادي. يدور الفيلم حول حقيقة واحدة متناقضة: عند منح القروض، ينمو الاقتصاد، وفي سياق أكثر اتساعاً يتم تقديم القروض حتى يتمكن الآخرون من جني الأرباح، بمعنى أن أرباح المرء هي ديون الآخرين وأرباح اليوم هي ديون الغد. والفاعل المركزي للرأسمالية هو المدين. تم تصميم الفيلم من خلال الحوارات والغرافيكس لتسليط الضوء على الحلقة المفرغة التي تشكل النموذج الاقتصادي الذي يحكمنا: المزيد من الائتمان= المزيد من النمو= المزيد من المبيعات= المزيد من المال= المزيد من الائتمان... هذا النمو اللامتناهي على كوكب ذي موارد محدودة، لا معنى له، بل يؤدي إلى كارثة مؤكدة. لكن لا أحد من الذين يستطيعون تغيير شيء ما، سيقدم على فعل أي شيء لتجنب ذلك. «إنه نظام عقائدي، لا يجب أن يكون منطقياً، بل أن يستمر في العمل»، هي الجملة الحقيقية الأكثر وضوحاً في الفيلم. كل ما سبق قُدِّم مع صور المكاتب الباردة الكبيرة، والأشخاص ذي البدلات الرسمية والمباني المعقّمة التي تعمل بطريقة اصطناعية ونظيفة. وراء كل هذا التنظيم والتناقض، صمت مؤلم لجميع الاقتصاديين المشاركين في هذه الجريمة. الجميع يمشون آلياً ويحترمون القوانين الذي لم يكتبوها ولا يفهموها، وسيستمر كل هذا حتى ينفجر كل شيء، ما لم يكن قد انفجر بالفعل. (يلي العرض حوار مع الصحافي جاد غصن).

«فابيان: الذهاب إلى الكلاب» – دومينيك غراف
30/9 ـــ س:19:00 ـ صالة مونتاني



في السنوات الأخيرة، قدمت السينما الألمانية العديد من الأعمال لتخبرنا قصة جمهورية فايمار (1919 ــ 1933). جمهورية الفترة ما بين الحربين العالميتين ناءت تحت رحمة السياسة، والأزمات والحماس الإبداعي وعدم الاستقرار الاجتماعي. سنوات معقدة انتهت بصعود النازية. بالنسبة إلى المخرج الألماني دومينيك غراف، كانت 1931 فترة فوضى اقتصادية وأخلاقية وسياسية. في عام 1933، وصل هتلر إلى السلطة وكانت وول ستريت قد انهارت عام 1929، والركود اجتاح أوروبا. لكنّ الملاهي كانت في ذروتها لأنها سدّت تلك الحاجة للهروب من الواقع. وكانت الحياة الليلية في برلين شديدة وكثيفة مثل الفقر. أراد غراف أن يعكس كل هذا في فيلمه «فابيان الذهاب إلى الكلاب»، فقدّم مشاهد مكثفة وسريعة ومتعددة الألوان. الساعة الأولى من الفيلم عبارة عن مشاهد مفككة، ولقطات عدة تستمر لثانية واحدة، فيما تُقسم الشاشة وتتقلص وتكبر وتتغير الألوان. زووم عنيف وصور أرشيفية ومقاطع ڤيديو. وكل خمس ثوان، نجد أنفسنا مع شخصيات جديدة. في هذه القصة الفوضوية والنابضة، وبعد التغلب على الجزء الأول من الفيلم، تبدأ قصة الحب، التي تبطئ الحركة ولكنها تبقيها معلقة. تدريجاً تهدأ القصة، نتعرف إلى جاكوب فابيان (توم شيلينغ) الكاتب الموهوب الذي يفقد وظيفته ويجد نفسه ضائعاً في المدينة بينما يحاول الحفاظ على حب الممثلة الطموحة كورنيليا (ساسكيا روزندال).
«فابيان: الذهاب إلى الكلاب» ميلودراما رومانسية مبنية على رواية إيريك كاستنر «فابيان». تحمل الأخيرة تشابهاً بين تدهور الشخصيات وتدهور ألمانيا التي كانت قد بدأت تمر بأسوأ حالاتها. اختار غراف تحريف الرواية لتكريمها، لأنّ أسلوبها يتناقض ببساطة مع أسلوب السينما المرئي. لذلك هيكل الفيلم غريب مبني على «بعد ذلك»: يفقد الكاتب وظيفته، ثم يلتقي بكورنيليا، ومن ثم يكون لديه موعد مع صديقه، ثم يفقد صديقته، ثم، ثم، ثم... الأحداث تجري بدون ضرورة التواصل وإبراز أنّها تحدث للشخص نفسه وفي الجدول الزمني نفسه. في الأدب هذا ممكن ويساعد لبناء العواطف التي تعتبر أساسية لفهم الشخصيات. في السينما، ينبغي للمخرجين العثور على استعارات قادرة على تقديم هذه الزوبعة من الأفكار بشكل مرئي. لذلك، مجرد الانتهاء من الجزء الأول من الفيلم، اختار غراف تقديم مقاطع من الكتاب، مكرّساً الفيلم للفصول التي يعتبر أنّ لا غنى عنها. «فابيان: الذهاب إلى الكلاب» عمل بصري ثقيل أكثر من كونه مصمماً بطريقة سينمائية. مع ذلك، هو بمثابة نقطة انطلاق للتفكير في العلاقة الجدلية بين الفن المكتوب والفن المرئي.

«أسبوع الفيلم الألماني»: الحجز إلزاميّ ينبغي إتمامه إلكترونياً عبر موقع metropoliscinema.net ــ الدخول مجّاني