الحلقات العشر، حلقات غامضة تمنح القوة العظيمة والخلود لمستخدمها. قوّة أطاحت بمماليك وحكومات عبر التاريخ، عُثر عليها وينوو (توني ليونغ) قبل آلاف السّنين، فأسّس «منظمة الحلقات العشر». كان تشانغ شي (سيمو لييو) مراهقاً عندما هرب من المنزل، بعد تدريبه من قبل هذه المنظّمة، وإعطائه مهمّة اغتيال زعيم العصابة الحديديّة. اليوم، هو يعمل في سان فرانسيسكو مع صديقته كاتي (أكوافينا)، ليُداوي نفسه من صدمات الماضي، ولكن الماضي لا يتركه بسهولة. والد وينوو يعثر عليه، وبعد كل هذه السنوات، يرجع الشاب إلى وطنه لينضم إلى العصابة من جديد أو ليواجه أباه.مواجهة الابن والوالد تيمة متكرّرة ليس فقط في السينما، ولكن في كلّ القصص. إنه صراع أوديبي رمزي للغاية. الجيل القديم يواجه الجديد حتى يتمكّن الجديد من النهوض بشكل أفضل وأقوى من الجيل السابق. هذا عنصر من عناصر فيلم «تشانغ شي وأسطورة الحلقات العشر» الكثيرة، بالإضافة إلى كل ما يمكن لـ «مارڤل» تقديمه، وأكثر. هذا الصّدام القديم/ الجديد يأخذ بُعداً أكبر مع تقدّم الفيلم، حيث تمّت حياكته مع موضوعات التقاليد والعادات الشرقية، وهذا ما يجعل مغامرة «عالم مارڤل السينمائي» الجديد ممتعة للغاية.
يُعد الفيلم دليلاً على أنّ «مارڤل» لا تزال تعرف كيف تروي القصص الجيدة، وقبل أي شيء كيف تعيد تحديث نفسها. بغض النظر عن حقيقة أنّ الفيلم عملية تجارية اجتماعية ذكيّة لمنح مجتمع أميركا الشمالية الآسيوي (والسوق الصيني) ما قدّمه «النمر الأسود» (2018) إلى الأميركيين من أصلٍ إفريقي، إلّا أنّ الفيلم الجديد مختلف تماماً عمّا رأيناه من «مارڤل» على مدار العقد الماضي.
استجلب جماليات أفلام الكونغ فو من دون الوقوع في كليشيهات هوليوود


تكمن رحلة تشانغ شي في فهم أنه من الضروري أن يكون أفضل من والده، وإعطاء معنى جديد لهذا السلاح الغامض الذي لا يرفضه في المطلق، ولكنه يريد أن يطوّره ويستخدمه بشكل أفضل من الجيل السابق. المثير في فيلم المخرج الأميركي ديستن دانيال كريتون، هو أنّه بنى هذه القصة من دون الوقوع في الابتذال أو الوضوح التام. منذ الدقائق الأولى، احتضن الفيلم الثقافة الشرقية (الصينية بالتحديد) واستجلب جماليات أفلام الكونغ فو من دون الوقوع في كليشيهات هوليوود.
على الرّغم من طول مدة الفيلم (ساعتان و13دقيقة)، إلا أنه لا يصل أبداً إلى درجة الملل مع كل اللّكمات والركلات والحركات البهلوانية، لا يسعنا إلّا أن نشعر بالحماس، كل شيء في هذه المشاهد يخطف الأنفاس. كل شيء سريع ورشيق وغير متوقّع، ومشهد الحافلة سيصبح واحداً من مشاهد أفلام «مارڤل» التي لا تُنسى مثل مشهد المصعد في فيلم «كابتن أميركا». تأرجح الفيلم بذكاء بين القصة الأساسية وخلفياتها الدرامية ومشاهد فنون القتال من دون أن نشعر حقاً بأن هناك شخصاً عادياً اكتسب شيئاً وأصبح بطلاً خارقاً. من ناحية أخرى، يعاني الفيلم ممّا عانى منه فيلم «النمر الأسود»، الذي يحشد كل شيء للمعركة النهائية التي يستعمل فيها تأثيرات بصرية لا ترتقي إلى ما كان يُحضّر لها. لا يزال المشهد مثيراً للاهتمام، حيث يستخدم البطل قدرات والدته لهزيمة والده، لكن الضربات البهلوانية غير موجودة، ممّا يزيل جزءاً من تأثير الاشتباك العاطفي الذي يقع في قلب القصة.
كل شيء ممتلئ بأجواء الأبطال الخارقين التي نعرفها، والجماليات الشرقية أعطت نفساً جديداً لـ «مارڤل»، مع أن الفيلم يملك العديد من الأشياء المشتركة مع الأفلام السابقة، لكنه يسعى إلى إخبار قصة تشانغ شي بطريقة أقلّ تقليدية إلى حد ما. «تشانغ شي وأسطورة الحلقات العشر» هو وصفة «مارڤل» المعتادة، بعدم إرباك المشاهدين، ولكن مع التزام جديد بتوسيع إطار المغامرات والشخصيات. مع كل هذا، يبرز تشانغ شي كأحد أفضل أبطال عالم «مارڤل» السينمائي، فيجعل الفيلم خطوة ذكية نحو الأمام بعد فيلم «الأرملة السوداء» الذي خيّب ظنّ عشّاق «مارڤل».

Shang-chi and the Legend of the Ten Rings
في الصّالات