يبدأ فيلم «روكتمان» (2019) بالتألّق والموسيقى والجنون... ألتون جون (تارون إيغرتون) يدخل مركز إعادة التأهيل متنكراً بزي طائر جنة متلألئ. وعلى وقع أغنية Goodbye Yellow Brick Road، يقتحم جلسة مدمني المخدرات ويصيح «أنا مدمن على الكحول. أنا مدمن على المخدرات. أنا مدمن على الكوكايين. أنا مدمن على الجنس». ومنذ هذه اللحظة، يتحدد مزاج الفيلم. روى ألتون جون رحلة علاجه، نجاحاته الموسيقية، صداقته الوثيقة مع مؤلف الأغاني بيرني توبين (جيمي بيل)، علاقة الحب غير السعيدة مع مديره الاستغلالي جون ريد (ريتشادر مادن)، وقبل كل هذا طفولته مع أمّ بعيدة وأب بارد. كل هذه الخلطة لا تقدم بجدية ولكن بواقعية سحرية ملوّنة ولامعة.
قبل البدء بمشاهدة الفيلم، لا بد من أن نتذكر أن الفيلم الموسيقي (ميوزيكال) يختلف عن شريط السيرة لمغنّ مشهور يحتوي وصلات موسيقية. «روكتمان» للمخرج الإنكليزي دكستر فلتشر فيلم فانتازيا موسيقي وليس سيرة. عام 2018، قدم فلتشر «بوهيميان رابسودي» فيلم سيرة عن فرقة الروك الإنكليزية «كوين». أعطانا شريطاً تقليدياً عن أناس ليس فيهم شيء تقليدي. عام 2019، قدّم «روكتمان» عن المغني الإنكليزي السير ألتون جون، وأسّس اتفاقاً مع المشاهد على أن الفيلم ليس سيرة مثل الذي قبله، بل إنه «ميوزيكال». في «روكتمان»، لا تهم الحقيقة بقدر ما تُروى بعاطفة. وكل شيء غير حقيقي ولكن لا أحد يكذب. ومعها تحرك فلتشر بحرية وقدّم ميلودراما موسيقية عن ألتون جون. رشّ الواقع بـ «غارنيش» وأعطاه بريقاً وتألقاً. لذلك علينا قبول «روكتمان» كما هو، فيلم بوب موسيقي، لا تتطور الشخصيات فيه، وللاستمتاع أكثر، علينا ألا نهتم بمشاكل الفيلم التي تتضمن عدم وجود نص جيد أو نظرة ذكية إلى الشخصيات. بل نأخذها على أنها رسوم كاريكاتورية في فيديو فخم ومتقن. وندع الحماس والموسيقى والرقص والأزياء تُمتع أعيننا وآذاننا.
يقدم ألتون جون كما هو بكامل جنونه وعظمته وبدون أي نقد


يقدم «روكتمان» 120 دقيقة من الهروب. هروب ليس غنياً بل هو لذيذ بشكل لا يصدق يشبه طعم الآيس كريم الذي يلتهمه ألتون جون مع الكوكايين. فيلم مبتذل لدرجة تثير الدهشة، يتحول فيه الكلام إلى حوارات موسيقية. فلتشر يقول وداعاً للواقع ويعانق السوريالية، ويقدم الفانتازيا الخيالية الموسيقية كتقدير للعظيم ألتون جون واهتمام بثقافة البوب في السبعينيات والثمانينيات. «روكتمان» مسرحية موسيقية، أدى فيها إيغرتون بنفسه جميع الأغاني. فيلم يفوز بطاقته وحيويته، ويقدم ألتون جون كما هو بكامل جنونه وعظمته وبدون أي نقد ذاتي، لأنّ ألتون جون كما الفيلم مغفورة خطاياه.

* Rocketman على نتفليكس

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا