يعتبر «سينما الفؤاد» (42 د ــ 1993) للمخرج محمد سويد، الفيلم الأول الذي قدّم موضوع الهوية الجنسية في السينما اللبنانية، من خلال العامل السوري خالد في رحلته لاستكشاف هويته الجنسية الحقيقية. بعد أكثر من ربع قرن على الفيلم، كسرت قضية المثليين والمثليات جدراناً كثيرة في لبنان. ها نحن نشهد اليوم إطلاق مهرجان كامل أُخذ اسمه من عنوان شريط سويد. مهرجان «سينما الفؤاد» الذي ينطلق الليلة في «المعهد الفرنسي في بيروت»، ينظَّم بالتعاون مع جهات وجمعيات حقوقية من بينها «هيومن رايتس ووتش» و«المؤسسة العربية للحريات والمساواة»، اللتان تفتتحانه بإطلاق حملة «مواجهة الخرافات» التي تتصدّى للأساطير والمغالطات حول «التوجهات الجنسية والهويات وأوجه التعبير الجندرية في المنطقة الناطقة بالعربية»، بمشاركة عدد من الناشطين. وإذ يأخذ المهرجان على عاتقه تظهير المعاناة الفردية للمثليين والمتحولين والمتحوّلات، تحيلنا الأعمال المعروضة إلى تحديات كثيرة تواجهها الأقليات على اختلاف أنواعها في المجتمعات.
فادي أردان في فيلم «لولا باتر» لنذير مقناش

على البرنامج تسعة أفلام روائية وتسجيلية طويلة، وخمسة لبنانية قصيرة تعرض بدءاً من اليوم حتى 29 حزيران (يونيو) من لبنان وتونس والجزائر وإيران وكولومبيا واليونان والبرازيل وفرنسا وإسبانيا. تدشّن العروض خمسة أفلام لبنانية قصيرة نشاهدها مجدداً ليلة الختام هي: «تلاتة سنتيمتر» للارا زيدان، و«عيش» لمارك كرم، و«جسد ذاكرة» لملاك مروة، و«حب» لمحمد صباح، و«أسرار السرير» لدافينا ماريا. أما العروض الطويلة فتفتتح غداً مع فيلم «لولا باتر» (95 د ــ 2017) للمخرج الجزائري الفرنسي نذير مقناش. العمل دراما عائلية، بطلها الشاب زينو الذي يبدأ، بعد وفاة أمه، رحلة البحث عن والده الذي لم يره منذ 25 عاماً. يحمل الشريط تأثيرات المعلّم الإسباني بيدرو ألمودوفار، خصوصاً في لحظات اللقاء والكشف المكثّفة بين زينو ووالده الذي تؤدي دوره الممثلة الفرنسية فاني أردان في أداء رائع. في الليلة نفسها، يعرض الفيلم الروائي القصير «اليتيم» (15 د ــ 2018) للمخرجة والكاتبة البرازيلية كارولين ماركوفيتش. في فيلمها الذي يستند إلى قصّة حقيقية، تضاعف ماركوفيتش من فردية الصراعات بتقديمها بطلاً مراهقاً يدعى يوناثاس، يضطر لخوض رحلة البحث عن ذاته بعدما تخلّت عنه العائلة التي تبنته. من القارة اللاتينية، يعرض تالياً (س: 21:15) وثائقي «سانيوريتا ماريا لا فالدا دي لا مونتانيا» (90 د ــ 2017) للكولومبي روبين مندوزا. يلجأ المخرج إلى مقابلات مع الأقارب والجيران في قرية بوافيتا، لرسم سيرة ماريا لويزا ونشأتها الكاثوليكية في أحد الأرياف الكولومبية. يدعو المهرجان عدداً من الأفلام التسجيلية من بينها «غرفة لرجل» (77 د ــ 2017) للبناني أنطوني شدياق الذي يفتتح عروض اليوم الثالث (26/6 ــ س: 19:00). يوغل الشريط في معاني الانتماء المكاني، في موازاة الانتماء الجنسي لبطله الذي يعيش في المنزل مع والدته وكلبه. من أبرز الأفلام على البرنامج هو الوثائقي الروائي «أوبوسكورو باروكو» (59 د ــ 2018) لليونانية إيفانجيليا كرانيوتي الذي يعرض في الليلة نفسها (س: 21:00). تدخل كرانيوتي عالم ريو دي جانيرو الليلي من خلال أبرز أيقونات مجتمع الميم في البرازيل لوانا مونيز (1961 ــ 2017). تصنع المخرجة لغتها السينمائية من صخب الكرنفالات البرازيلية وجماليتها للاحتفاء بمدينة ريو دي جانيرو من خلال فنانة الاستعراض والناشطة الحقوقية التي أصبحت أيقونة عالمية لقضية المتحولين والمتحوّلات. علماً أن الفيلم يسبقه عرض أدائي حي على المسرح مستلهماً من أجواء الشريط. «في الظل» (80 د ــ 2017) هو عنوان الشريط الذي يفتتح اليوم الرابع (27/6 ــ س: 19:00).
توثق ندى المازني حفيظ نضالات مجتمع الميم في تونس

المخرجة التونسية ندى المازني حفيظ تمزج بين الوثائقي والروائي للدخول إلى حياة الناشطة التونسية في حركة «فيمن» أمينة السبوعي التي عرفها العالم حين نشرت صورتها عارية على فايسبوك عام 2013. يتتبع الشريط حياة أمينة ورفاقها، ويصوّر اجتماعاتهم في بيت أمينة الذي صار بمثابة ملجأ لهم بعد تخلي عائلاتهم عنهم. يلي الفيلم حوار يديره كريم نمور (من «المفكرة القانونية»)، بمشاركة الكاتب والصحافي اللبناني صهيب أيوب حول «قضية الهوية الجندرية واستباحة الجسد وتجريم المثلية في المجتمعات التونسية واللبنانية». من إسبانيا، سنكون على موعد مع «كارمن ولولا» (105 د ــ 2018) للاسبانية أرانتكسا إتشيفاريا (28/6 ــ س: 19:00). تظهّر المخرجة مكونات المجتمع المحلي في بلادها، من خلال قصة حب بين مراهقتين غجريتين تدور في مدريد. العرض التالي هو روائي للمخرجة الإيرانية باني خوشنودي «اليراعات» (88 د ــ 2018) الذي صورته في مكسيكو سيتي. المكسيك هي البلد التي يجد البطل رامين نفسه على أحد مرافئها بعد هربه من الاضطهاد في بلاده، ليغرق في مشاعر قصوى من الذنب والاشتياق. أما الختام (29/6) فسيكون مع عرض ثان للأفلام اللبنانية القصيرة (س: 19:00)، يليها (س: 20:30) عرض فيلم «بري» (99 د ــ 2018) للفرنسي كاميل فيدال ـ ناكيه. منذ البداية يخلق الفيلم عالماً عنيفاً للشاب ليو الذي يعمل في الدعارة في شوارع ستراسبورغ. لكن ثمّة لحظات تتغلّب على العالم الغارق في المخدّرات، هي لحظات من التعاطف القصوى يقتنصها المخرج حين تنقلب المهنة إلى علاقات عاطفيّة بحت تخالف كل الصور النمطية عن هذا العالم.

* الدورة الأولى من «مهرجان سينما الفؤاد: 19:00 مساء اليوم حتى 29 حزيران (يونيو) ــ «المعهد الفرنسي في بيروت» (طريق الشام ــ بيروت). للاستعلام: 01/420200