عمّان | ناضل فراس إبراهيم طويلاً لتنفيذ مسلسل «في حضرة الغياب»، وحصل على مباركة أصدقاء محمود درويش، وبعض أفراد عائلته، وحتى زوجته السابقة حياة الحيني. مع ذلك، قوبل العمل باعتراضات شديدة حتى قبل بدء عرضه. وزادت حدّة مع العرض مطلع هذا الأسبوع.لكن هل يمكن فعلاً التعامل مع إرث محمود درويش كخطّ أحمر ومقدّس لا يمكن المساس به؟ في حديثه مع «الأخبار»، يرى صديق الشاعر الفلسطيني في عمّان غانم زريقات أن درويش «شخصية عامة لا يمكن أحداً أن يمنع أي جهة من إنتاج مسلسل عنه». ويشير إلى أنّه عندما التقى فراس إبراهيم في مرحلة تطوير السيناريو والاستشارات، كان الأخير «مصمّماً على إنتاج المسلسل وعرضه رغم الصعوبات والانتقادات». وأضاف أن إبراهيم «أرسل السيناريو إلى شقيق الشاعر أحمد درويش، وصديقيه جواد بولس وعلي حليلة وزوجته السابقة حياة الحيني، وأنا شخصياً شعرت بالرضى عن مرحلة طفولة درويش في منطقة البروة».
لكن لا يبدو أن ما يقوله زريقات مقنع؛ إذ أصدر أكثر من 2000 مثقف بياناً يطالبون فيه تلفزيون «فلسطين» بوقف عرض المسلسل، ويدينون «تورّط» مارسيل خليفة، وكاتب السيناريو حسن يوسف، والمخرج نجدت أنزور في «عمل سطحي مزيّف». ومن أبرز هذه الأسماء الموقعة: زكي درويش شقيق الراحل، ونصري حجّاج، وصبحي حديدي، ووديع سعادة، وغسان زقطان، وطاهر رياض، وأمجد ناصر، وزهير أبو شايب، إضافة إلى الناقد فخري صالح، صديق درويش في عمّان الذي يرى أن للجميع الحق في تجسيد أي شخصية عامة وتأويلها بالطرق المختلفة، لكن ما يعترض عليه هو «الضعف الشديد الذي بدا على الحلقات، وصورة محمود درويش التي لا تتطابق مع ما يُعرف عن شخصية الراحل». ويعلن أن شخصية صاحب «أثر الفراشة» تظهر في المسلسل «هائمة كاريكاتوريّة شديدة النرجسيّة وضحلة، لا يتكلم معها أحد إلا تردّ عليه بقصيدة».
ويتفق الشاعر الفلسطيني المقرب من درويش زياد خدّاش مع هذا الرأي، منتقداً طريقة تجسيد الراحل على أنه «مراهق يرتدي بدلة ليلكيّة ويبتسم بحماس ويفرح برعونة لإعجابه بمراهقة»، ومعترضاً على «ابتذال العواطف وترخيصها وتمييعها».
وكانت «الأخبار» قد حاولت الاتصال بـ«مؤسسة محمود درويش» من دون أن تتمكّن من الحديث مع المسؤولين فيها. إلا أن زريقات ينتقد المؤسسة لأنها «لا تملك الحق في إعطاء الموافقة أو رفضها... وخصوصاً أن أعضاء المؤسسة لم يجتمعوا، ولو مرة واحدة بعد وفاة درويش».