على وقع موسيقى «الجنيريك» الشهير لـ«كلام الناس»، وفي أجواء أقرب إلى الاستعراض المسرحي منه إلى برنامج «توك شو» (خفوت الأضواء وتحرك الكاميرات بكل اتجاه)، افتتح مارسيل غانم مساء الخميس برنامجه على LBCI بعد غياب استمر أكثر من شهر. افتتحه بمفاجأة تمثّلت في إدخال مقدمة رأي متلفزة دامت أكثر من ست دقائق على الهواء. في خطوة لافتة، خلع الإعلامي المعروف زيّ الموضوعية والتوازن المطلوب لأي برنامج حواري يستقطب طرفي نزاع، ليتماهى مع مقدمات النشرات الإخبارية.
عرض ملف «سقوط الدولة»، فبدأ الحديث بسخرية عالية مصحوبة بتعابير وجه غاضبة أقرب الى مونولوج مسرحي عن «غرق الدولة في حمل البواريد» ولبس الأقنعة والأجنحة العسكرية، من دون أن يسمي الطرف المقصود، لتتولى الشاشة الى يمينه عرض صور مسلحي آل المقداد. استخدم ضمير الـ«أنا» وأقحمه في معمعة فوضى الخطف وقطع الطرقات، فقال «أنا شخصياً لا أحسدها (الدولة) ولا أرى امكانية لعملها ما دامت مجموعة من قطاع الطرق والزعران تشتم الناس من دون أي رادع».
محاور عدة شملتها المقدمة من الخطف الى التسلح والفساد والملف الخدماتي والبيئي ليصوّب سهامه الى سوريا عندما تحدث عن ملفّ المختطفين هناك إبان الحرب الأهلية، و«تصديق لبنان كذبة نيّات الدولة السورية» بأنّ ليس لديها محتجزون لبنانيون، مستشهداً بخروج يعقوب شمعون المطلق حديثاً من هناك بعد أكثر من 27 عاماً في الاعتقال. سوريا كانت حاضرة أيضاً في كلام غانم بلغة تهكمية لدى كلامه عن جبل محسن الذي يُشهر «صورة لحافظ الأسد وليس ميشال سليمان».
«حلو كتير» علّق، ولم ينس التوجه الى الرئيس السوري مسقطاً عنه لقب الرئاسة قائلاً عنه «غريب أمر بشار الأسد في حديثه الى قناة «الدنيا» يتحدث عن إرهابيين في الداخل، فماذا يسمي أعمالاً كانت تهدف الى تفجير الناس؟ ملائكة؟» (خفوت في الصوت مع نبرة ساخرة) في إشارة إلى توقيف الوزير السابق ميشال سماحة. و«مسك الختام» كان مع عنصرية إزاء العمّال الأجانب، وتحديداً السوريين، عبر تناول قضية مقتل خليل حجار زوج مقدمة البرامج على «أو. تي. في.» مي سحاب الذي صدمه أحد العمّال على قارعة الطريق: «آخر ضحية من ضحايا العمال الأجانب الذي قتل مبدعاً»، مستبقاً تصنيف ما ينطق به بالقول «الآن، سأتّهم بالعنصرية». إذاً مقدمة الست دقائق، كلام مصاحب للصورة، وخفوت في الإضاءة مع نبرة غاضبة وساخرة. هذا هو جديد غانم بعد أكثر من 17عاماً من البث المباشر واكتفائه بأسطر قليلة كان يستهلّ بها برنامجه. ها هو اليوم يشهر وجهة نظره بعدما كان يترك للجمهور أن يتكهن ماذا كان يقصد من وراء كل استضافة لإحدى الشخصيات أو حتى في طيات أسئلته المعروفة باستفزاز الآخر... فهل هو استكمال لما بدأته «المؤسسة اللبنانية للإرسال» في نشراتها الإخبارية؟ والى أي مدى سينجح هذا الخط، خاصة في برامج حوارية مثل «كلام الناس»؟
في المحصلة، انتهت المقدمة وأُشعلت «البروجيكترات» ليشتعل جدل على فايسبوك لدى سؤال المتابعين على الصفحة الخاصة بالبرنامج عن آرائهم بما سمعوه في المقدمة: انقسم هؤلاء بين مؤيّد يراها «فشة خلق»، وآخرون أسقطوا الموضوعية عن الإعلامي المعروف وسألوه: «لماذا تتكلم باسم الشعب اللبناني بأكمله؟ بما أنّ «كلام الناس» أصبح ينطق بلسان جزء من «الناس»»!