لنضع جانباً تفاصيل زفاف ماريتا الحلاني وكميل أبي خليل الذي تسبّب في «تخمة» لدى المتابعين على إثر نشر العروسين عشرات الفيديوات لهما، ولنركّز على الجزء الأبرز في الزفاف، ألا وهو ليلة الحنّاء البعلبكية. على أثر تلك الليلة التي أقيمت في مزرعة عاصي الحلاني في بلدته الحلانية (قضاء بعلبك) قبل ثلاثة أيام تقريباً، تعرّف اللبناني على طقوس القرى البعلبكية.رغم صغر مساحة لبنان الجغرافية، إلا أنّ المعلّقين الافتراضيين لا يعرفون تقاليد الزفاف البعلبكي، وها هم يكتشفون تلك العادات التي اندثرت مع الزمن والبذخ الحاصل في الأعراس، حتى لدى العائلات المتواضعة منها. راحت التساؤلات تطرح حول إصرار الحلاني على التمسّك بتلك العادات التي كشفت عن جوانب جميلة في تلك القرى المنسيّة، وتحديداً ليلة الحناء التي تسبق الزفاف بليلة أو ليلتين (وربما أكثر).
على وقع الربابة والعتابا اللبنانية القديمة التي قدّمتها فرقة «المجد بعلبك» للدبكة، زُفّت ماريتا على صوت والدها وشقيقها الوليد. تولّى كبير السنّ في الفرقة الفولكلورية الراقصة، مهام وضع الحنّاء على أصابع العروس، ولفّها بقطع من القطن تستعمل خصيصاً للحناء. بصوته الجبلي، قدّم الحلاني العتابا الخاصة بتلك الليلة، قائلاً «مسّيك بالخير يلّي ما حدا مسّاكِ. إن طلعتي من البيت نطلع كلنا معاكِ، يا مسعدي البيت بعدك يا رفَيّقتي. يا فرحة بيّك».
هذه العبارات ثابتة في ليلة الحناء لدى غالبية المناطق في بعلبك وجوارها، وهي متوارثة منذ أجيال قديمة وتنمّ عن عمق العلاقة التي تربط الأب بابنته. كما تحمل عبارات تعكس حزن الوالد على خروج الابنة من منزله. في تلك الليلة، تختلط دموع الفرح والحزن، وهي ضمن شروط الزواج التقليدي، وتقوم على لطخ أصابع يد العروس بالحنّاء ولفّها لليوم الثاني. تترافق الخطوة مع عزف على الربابة وصوت العتابا.
كثيرون يحاولون تفسير سرّ تلك الليلة المتوارثة، ويجمع الكل على أنّ عادة وضع الحنّاء سببها أنّ آثارها تبقى أياماً عدة، وهي بمثابة إشارة أو علامة على أن المدعوّين لبّوا حضور الزفاف. كما أنها بصمة تخلّد على الأصابع لفترة، فيتباهى المدعوون بجودة الحناء وشكل الرسمة. لا تقتصر تلك الليلة على الحناء فحسب، بل أيضاً على توزيع سندويشات الكبّة النيّة (مأكولات أخرى مثل التبولة ...)، إلى جانب عادات مميزة بتلك القرى، من بينها «خطف العريس والعروس»، كلّ على حدة، إلى مكان آخر غير منزل والديهما، وسط الأغاني والزغاريد.
عكست ليلة الحناء لماريتا عن قلّة ثقافة المعلّقين بالعادات والتقاليد الخاصة بكل منطقة لبنانية. كذلك، قدّمت الفيديوات المنتشرة للزفاف صورةً جميلة عن عاصي الحلاني الأب الذي يجمع بين انفتاحه وتمسّكه بالعادات والتقاليد.