على الرغم من استمرار تردّي الأوضاع في لبنان، يصرّ منظمو مهرجان «مسكون» لأفلام الرعب والفانتازيا والخيال العلمي على إقامة دورته السادسة بين 12 و16 كانون الأوّل (ديسمبر) الحالي، ولو على نطاق أصغر مقارنة بنسخ الأعوام السابقة. لكنّهم حرصوا على الحفاظ على الطابع العربي فيه، سواء من حيث الأفلام الروائية الطويلة المشاركة في العروض، أو تلك التي تنافس ضمن مسابقة الأفلام القصيرة. علماً أنّ الحدث يستعيد هذه السنة صيغته الحضورية الأساسية بالكامل، بعدما اضطرته جائحة كوفيد-19 إلى الاكتفاء بدورة على الإنترنت وأخرى جمعت الصيغتين الافتراضية والحضورية.تتولّى جمعية «بيروت دي سي» تنظيم المهرجان حضورياً في سينما «مونتين» في «المعهد الفرنسي في بيروت»، فيما ستكون تذاكر الدخول مجانية.
وقالت مديرة المهرجان، ميريام ساسين، إنّ هذه الدورة تُقام «في وقت لا يزال لبنان غارقاً في كابوس لا أفق له ويعاني وضعاً بالغ الصعوبة»، لكنها لاحظت «جهوداً جماعية مشجعة في الأشهر الأخيرة لإعادة تنشيط الحركة الثقافية وبث الروح فيها». وأبدت ارتياحها إلى أنّ «إقبال الجمهور بحماسة وتعطش على الأنشطة التي تهدف إلى تغذية الروح وتعزيز الإبداع والتبادل الإيجابي رغم الوضع الكئيب».
واعتبرت ساسين أنّ «كل شخص يعمل في المجال الثقافي اليوم هو أشبه بمحارب يكافح ضد القمع واللامبالاة اللذين يمعنان في القضاء على ما يميّز لبنان من إبداع وتألق، وفي تيئيس أبنائه الموهوبين».
وأضافت: «عملنا بإصرار وتصميم على إقامة الدورة السادسة من المهرجان رغم ما واجهناه من صعوبات كبيرة، ومع أن هذه الدورة هي الأصغر حتى الآن، حرصنا على أن ننسّقها بالكثير من الحب لنثبت من خلالها عزمنا على مواصلة النضال من أجل الحفاظ على لبنان منارة للثقافة والإبداع».
أما المدير الفني، أنطوان واكد، فشرح أن الانطلاقة ستكون مع الفيلم الفائز بالسعفة الذهبية لـ «مهرجان كان السينمائي الدولي» Triangle of Sadness للمخرج السويدي روبن أوستلوند. وهو كوميديا سوداء تعبّر بسخرية لاذعة عن تناقضات العالم المعاصر الملتوي.
وأشار إلى أنّ هواة الرعب والإثارة على موعد مع ثلاثة أفلام منوّعة، هي: Speak No Evil للمخرج الدنماركي كريستيان تافدروب الذي عرض للمرة الأولى في «مهرجان صاندانس»، وPiggy للمخرجة الإسبانية كارلوتا بيريدا الذي شارك في عدد كبير من المهرجانات وفاز بجائزة «ميلييس» ويتناول التنمر والانتقام من زاوية جديدة، إضافة إلى Deadstream للمخرجين الأميركيين جوزيف وفانيسا وينتر وهو كوميديا تتخللها مشاهد رعب، ويتناول قصة شخصية من مشاهير الشبكات الاجتماعية تزور منزلاً مسكوناً.
وقال واكد إنّ المهرجان «يفتخر بتقديم فيلمين رائدين من العالم العربي يؤكدان أن السينما العربية تشهد ثورة من خلال إقبالها المتزايد على هذا النمط من الأفلام» الذي يتخصص به مهرجان «مسكون».
الشريط الأوّل هو «أشكال» للمخرج التونسي يوسف الشابي الذي عرض للمرة الأولى في أسبوعَي المخرجين في «مهرجان كان»، وفاز أخيراً بجائزة «أنتيغون» الذهبية في مهرجان «سينيميد». وهو قصة بوليسية تدور حوادثها على خلفية الثورة التونسية.
ويستضيف المهرجان أيضاً باسل غندور الذي يقدّم فيلمه الأوّل كمخرج وهو «الحارة» الذي يسلط الضوء على المجتمع الأردني المعاصر. ويدير أيضاً في المهرجان ورشة عمل حول كتابة السيناريو.
وفي برنامج المهرجان كذلك، إضافة إلى الأفلام الروائية الستة الطويلة، مسابقة «مسكون» العربية التي تضم عشرة أفلام قصيرة مبتكرة تثبت الاهتمام المتزايد للمخرجين الشباب بهذا اللون السينمائي.
تتميز هذه الأفلام القصيرة بسرد مرئي لافت وتتناول مواضيع تعكس الوضع الحالي للعالم. من الأمراض النفسية إلى المجتمعات البائسة، يكتشف الجمهور وجهاً جديداً للسينما العربية. والأشرطة القصيرة المشاركة هي: «حدود» لخليفة آل ثاني (قطر)، و«الظلام يشتد» من إخراج فراس أبو فخر ودانيال حبيب (لبنان)، و«آخر نهار» لقيس الماجري (تونس)، وLimbo من ليا يارد (لبنان)، و«دوام الليل» لعلي فيصل مصطفى (الإمارات)، وNo Key لوليد مسناوي (المغرب)، وRind لرومي مطر (لبنان)، و«شي مش مزبوط» لأوغو هوشر (لبنان)، و«تشنّج» لمايك مالاجاليان (لبنان)، و«مرشحون للانتحار» لحمزة عاطفي (المغرب).
تضم لجنة التحكيم التي تتولى تقييم هذه الأفلام الممثلة اللبنانية كارول عبود، ومدير قسم «أيام عمان لصناع الأفلام» في «مهرجان عمان السينمائي» المنتج بسام الأسعد، والكاتب والمخرج والمنتج اللبناني الأردني باسل غندور.
وتمنح لجنة التحكيم جائزة «مسكون» لأفضل فيلم قصير، على أن يدرج العمل الرابح في مسابقة الأفلام القصيرة في «مهرجان فانتسبوا» في البرازيل، فيما سيحصل الفائز بجائزة أفضل فيلم لبناني قصير على فرصة كي يُعرض في مهرجان «سينيميد» في مونبولييه.
وعلى هامش عروض الأفلام، تعود الندوات والحلقات النقاشية ليومين في حرم «الأكاديمية اللبنانية للفنون الجميلة» (ALBA)، في 15 و16 كانون الأوّل (ديسمبر) الحالي. وهي مفتوحة للجمهور وطلاب السينما والسينمائيين والهواة. وتشمل هذه المحادثات نقاشات وورش عمل مع المخرجين الضيوف باسل غندور ويوسف الشابي والمخرج اللبناني وليد مونس والمنتجين ميريام ساسين ولارا أبو سعيفان وفارس لعجيمي، إلى جانب ورشة عمل عن صناعة الأفلام المستدامة مع بسام الأسعد.