قبل 72 ساعة من انطلاقته، تعرّض «مهرجان القاهرة السينمائي الدولي» لأزمة لم تكن متوقعة وغير مسبوقة في تاريخ الحدث المصري العريق. أزمة كبيرة تظهّرت ملامحها من خلال سلسلة من المنشورات على مواقع التواصل الاجتماعي.البداية كانت مع مفاجأة فجّرها مدير المركز الإعلامي للدورة الرابعة والأربعين من المهرجان، محمد عبد الرحمن، الذي أعلن في بوست أنّه أُبعد من منصبه بعد تحفّظه على عدم جلوس «الزملاء النقاد ورؤساء الأقسام في مقاعد مناسبة لمكانتهم وإبلاغي بذلك حتى لا يفاجأوا بالأمر الواقع يوم الأحد المقبل». وتابع عبد الرحمن أنّ المدير الفني للمهرجان، المخرج أمير رمسيس، اتخذ القرار بحقّه «رغم كلّ الجهد الذي بذلته على مدار خمسة شهور، والأهم ما قمت به لتفادي قرارات عديدة تخصّ الصحافيين، أبرزها عدم دعوة أسماء عربية بارزة لأسباب غير مهنية، وكذلك طلب حرمان صحافيين مصريين من دعوة الافتتاح بسبب خلافات في وجهات النظر، وسحب الكثير من اختصاصات المركز الصحافي».
أما الأغرب من كلّ ذلك بحسب عبد الرحمن، فهو إبلاغه بالقرار هاتفياً على الرغم من الحلول السريعة التي قدّمها بهدف تدارك الموقف «بعد غضب الزملاء»، مشيراً إلى مكامن خلل تنظيمية أخرى في دورة 2022، أبرزها «التأخّر الشديد في الإعلان عن جدول الفعاليات والكتالوغ، وغير ذلك من تفاصيل يسأل عنها الزملاء كل يوم كونهم اعتادوا استلامها مبكراً في الدورات السابقة، وتحوّل المركز الصحافي لحائط صدّ من أجل حماية سمعة المهرجان».
واختتم محمد عبد الرحمن حديثه بالقول: «لاحقاً سيكون لي تقرير شامل أضعه في تصرّف الجهات المعنية عن مخالفات عدّة، لكن ما سبق هو مجرد اعتذار لأكثر من 300 صحافي مصري وعربي كنت أنتظر استقبالهم خلال الدورة سواءً من مصر أو من خارجها... وكلّي ثقة بأنّ زملائي في المركز الإعلامي سيكونون على قدر المسؤولية وسط الظروف العصيبة غير المسبوقة التي يمرون بها هذه السنة».
في المقابل، ردّ أمير رمسيس ببوست طرح فيه تساؤلاً حول «مهنية صحافي بيكتب انه اعتذر عن عمل في الحقيقة تمت إقالته منه»، كاشفاً أنّ بياناً رسمياً سيصدر عن إدارة «مهرجان القاهرة» حول الموضوع.
كلام اعتبر عبد الرحمن أنّه يشكّل نموذجاً للأزمة «اللي معظم الزملاء في المهرجان بيعانوا منها... مدير لا يسمع ولا يقرأ أي نصايح أو اقتراحات»، موضحاً أنّه أشار في منشوره إلى أنّه «تمّ إعفائي من منصبي مش إنّي اعتذرت...». وتابع: «وصلنا لمرحلة لم تحدث في تاريخ المهرجان... مهرجان بيطلع بيان ضدّ مسؤول فيه، أظنّ دة لوحده كفاية عشان الناس تعرف المشكلة فين»، راجياً كبار وعقلاء «مهرجان القاهرة السينمائي الدولي» التدخّل لوقف «العبث» حتى لا يجد نفسه مرغماً على «الرد بالأسماء والوقائع والتواريخ».
وعلى الرغم من ذلك، صدر بيان رسمي عن الحدث السينمائي الأشهر في العالم العربي، يتضمّن «شرحاً» لأسباب إقالة عبد الرحمن، جاء في نهايته أنّه «لم يكن من الممكن التغاضي عن الواقعة، بشأن عدم تخصيص أي دعوات للسجادة الحمراء للصحافة وتوظيف ما تسلّم منها لأهوائه الشخصية والعودة إلى ذراع المهرجان من أجل المزيد منها، والتي كانت من المفترض أن تكون قد ذهبت لأصحابها الحقيقيين في المقام الأوّل».
مَن يطلع على البيان الرسمي، يُدرك كمّ الأخطاء اللغوية اللي يتضمّنها، ما يؤكّد ما يتردّد في الكواليس حول أنّ رمسيس تولّى شخصياً صياغته. في استمرار لسياسة «الصوت الواحد» التي يتبعها منذ بداية التحضير للمهرجان، وهي فترة اتسمت بـ «سوء التنظيم» على مستويات عدّة.
وأحدث البيان موجة استياء عارمة في أوساط فريق عمل الحدث الذي يشارك فيه 97 فيلماً من 52 دولة، قابله استياء مماثل على السوشال ميديا. وهو ما بدا واضحاً من خلال التعليقات التي غلبت عليها لهجة التضامن مع عبد الرحمن.
علماً أنّ النسخة المرتقبة من الحدث المصري العريق في الفترة الممتدة بين 13 و24 تشرين الثاني (نوفمبر) 2022 ويبلغ عدد الأفلام الطويلة المشاركة فيها 79، إلى جانب 18 فيلماً قصيراً، بالإضافة إلى 10 أفلام كلاسيكية، في حين يبلغ عدد العروض العالمية والدولية الأولى 30 فيلماً، في مقابل 57 عرضاً أوّل في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.