فاقت النتائج التي حققتها «نتفليكس» توقعاتها، إذ كانت منصة البث التدفقي الرائدة تأمل في استعادة مليون مشترك في الربع الثالث من السنة الجارية، لكنّ عدد المنضمين الجدد إليها خلال الصيف وصل فعلياً إلى 2.4 مليون، ما يشكّل إنجازاً لها بعدما فقدت 1.2 مليون مشترك في الربع الأول.وقال المؤسس المشارك لـ «نتفليكس»، ريد هاستينغز، خلال مؤتمر للمحللين أوّل من أمس الثلاثاء: «الحمد لله، لقد انتهينا من النتائج الربعية المتدهورة».
وارتفع العدد الإجمالي لمشتركي «نتفليكس» إلى أكثر من 223 مليوناً، محطّمة بذلك الرقم القياسي الذي حققته في نهاية 2021 وهو 221.8 مليون مشترك نتيجة انعكاسات جائحة كوفيد-19 الإيجابية جداً على المنصات الترفيهية.
وتوقّع هاستينغز أن يصل عدد المشتركين إلى 227.6 مليوناً في نهاية السنة الجارية، واصفاً أرباح شركته وتوقعاتها بأنّها «ليست رائعة، لكنها مقبولة». وشدد في الوقت نفسه على ضرورة الاستمرار «بالزخم نفسه».
تراهن «نتفليكس» خلال الربع الجاري على عودة المسلسلات التي استقطبت سابقاً أعداداً كبيرة من المشاهدين، على غرار «إميلي في باريس» و«التاج»، وكذلك على صيغة جديدة للاشتراكات ستوفّرها اعتباراً من تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل في نحو 12 بلداً، تتيح الإعلانات على شاشتها مقابل بدل أرخص.
ودأبت «نتفليكس» طويلاً على رفض اعتماد هذا الحل مخافة أن يسيء معنوياً إلى صورتها، لكنها قررت في نهاية المطاف السير به على أمل أن يمكّنها من جذب مستخدمين جدد وكسب إيرادات إضافية.
ورأى المحلل في «ثيرد بريدج»، جايمي لاملي، أنّ من شأن هذه الصيغة «تغيير قواعد اللعبة لجهة التوسّع»، وفق ما نقلت وكالة «فرانس برس».
وتابع أنّه «نعتقد أنّ «نتفليكس» ستتمكّن من أن تتقاضى من المعلنين بدلات أعلى من تلك التي تفرضها يوتيوب أو محطات التلفزيون التقليدية لأن لدى المنصة قاعدة مشتركين متنوعة وثابتة وبيئة آمنة للعلامات التجارية».
ولم يعلق مسؤولو الشركة على ما يتردد عن أن أسعار الإعلانات ستكون عالية، لكنهم أكدوا أنّ ثمة إقبالاً كبيراً من المعلنين.
في هذا الإطار، قال مدير العمليات، غريغ بيترز: «سنضطر إلى رفض بعض طلبات الإعلان في الوقت الراهن». مشيراً إلى أنّ «نتفليكس» وشريكتها «مايكروسوفت» التي تُعنى بالجانب التكنولوجي للإعلانات ستضطران إلى تعيين موظفين جدد لمواكبة الطلب الكثيف.
وأبدت المجموعة الأميركية التي تتردد عادةً في مقارنة نفسها بمنصات أخرى ارتياحها إلى كون مستخدميها يقضون وقتاً أطول أمام شاشاتها مما يشاهدون المنصات المنافسة، مستشهدة بأرقام من شركة «نيلسن» للدراسات التي أوضحت أنّ اشتراكات الشبكة التي تتخذ من كاليفورنيا مقراً لها مثّلت خلال آب (أغسطس) في الولايات المتحدة 7.6 في المئة من الوقت الذي يقضيه الناس في مشاهدة التلفزيون، متعادلة بذلك مع «يوتيوب» ومتقدمة على «أمازون برايم فيديو» (2.9 في المئة) وعلى «ديزني بلاس» (1.9 في المئة).
وحققت «نتفليكس» أرباحاً صافية قدرها 1.4 مليار دولار خلال الفترة الممتدة من حزيران (يونيو) إلى أيلول (سبتمبر) بدلاً من 966 مليون دولار التي توقعتها السوق. وبلغ حجم مبيعاتها 7.9 مليار دولار.
وارتفع سعر سهمها في وول ستريت بنحو 14 في المئة في التداولات الإلكترونية بعد إغلاق بورصة نيويورك.
هنا، قال المحلل في «إنسايدر إنتيليجنس»، روس بينيس، إنّه «من خلال الاعتراف المباشر (بأهمية) المنافسة ومن خلال استخدام الإعلانات، تتكيف نتفليكس مع الواقع الجديد لصناعة البث التدفقي».
وفي الربيع، بعد الإعلان عن أول خسارة للمشتركين منذ عشر سنوات، اتخذت المنصة بالإضافة إلى قرارها في شأن الإعلان، إجراءات متنوعة لكبح التراجع ومعاودة النمو.
ومن أبرز هذه التدابير التشدد اعتباراً من مطلع السنة المقبلة في مكافحة تشارُك مستخدميها المعرّفات وكلمات السر، ما يتيح لكثر مشاهدة برامجها من دون دفع رسوم اشتراك، والثاني مضيّها بعد طول رفض في فتح شاشتها للإعلانات من خلال توفير صيغة اشتراك تلحظها، وسعيها إلى التعجيل في تنفيذ هذا التوجه.
في هذا الإطار، أجرت «نتفليكس» اختبارات في عدد من البلدان الأميركية الجنوبية حيث فُرض على المشتركين دفعُ أقل من ثلاثة دولارات شهرياً لإضافة ما يصل إلى شخصين.
وأشار بيترز إلى أنّ لدى المنصة «توجهاً إلى اعتماد هذه الصيغة» بعد النتائج التي حققتها، واصفاً إياها بأنّها «متوازنة جداً».
ولاحظ جايمي لاملي أن مكافحة الإفراط في تشارُك كلمات المرور يحقق «إيرادات هائلة»، لكنّه أفاد بأنّ الخبراء «يشككون في فرص النجاح، سواء من الناحية الفنية أو من وجهة نظر المستخدمين المترددين، وهو ما لوحظ خلال الاختبارات».
وفي خطوة أولى نحو النظام الجديد، أعلنت «نتفليكس» في بداية الأسبوع الحالي عن أداة جديدة تتيح للمستخدمين الذين يشاركون حساباً نقل ملف التعريف الخاص بهم (شاملاً تفضيلاتهم وتاريخ الحركة على حسابهم).